للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

افْتَرَقَا، فَهَلْ يُقَالُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [الْمَائِدَةِ: ٨٩]- أَنَّهُ يُعْطَى الْمُقِلُّ دُونَ الْمُعْدِمِ، أَوْ بِالْعَكْسِ؟ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [الْبَقَرَةِ: ٢٧١] .

وَيَنْدَفِعُ أَيْضًا تَشْنِيعُ مَنْ قَالَ: مَا حُكْمُ مَنْ آمَنَ وَلَمْ يُسْلِمْ؟ أَوْ أَسْلَمَ وَلَمْ يُؤْمِنْ؟ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؟ فَمَنْ أَثْبَتَ لِأَحَدِهِمَا حُكْمًا لَيْسَ بِثَابِتٍ لِلْآخَرِ ظَهَرَ بُطْلَانُ قَوْلِهِ.

وَيُقَالُ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ تَشْنِيعِهِ: أَنْتَ تَقُولُ: الْمُسْلِمُ هُوَ الْمُؤْمِنُ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الْأَحْزَابِ: ٣٥] فَجَعَلَهُمَا غَيْرَيْنِ، وَقَدْ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ وَاللَّهِ إِنِّي لِأَرَاهُ مُؤْمِنًا؟ قَالَ: أَوْ مُسْلِمًا» ، قَالَهَا ثَلَاثًا، فَأَثْبَتَ لَهُ الْإِسْلَامَ وَتَوَقَّفَ فِي اسْمِ الْإِيمَانِ، فَمَنْ قَالَ: هُمَا سَوَاءٌ - كَانَ مُخَالِفًا، وَالْوَاجِبُ رَدُّ مَوَارِدِ النِّزَاعِ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَقَدْ يَتَرَاءَى فِي بَعْضِ النُّصُوصِ مُعَارَضَةٌ، وَلَا مُعَارَضَةَ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَكِنَّ الشَّأْنَ فِي التَّوْفِيقِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

وَأَمَّا الِاحْتِجَاجُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ - فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات: ٣٥ - ٣٦]

[الذَّارِيَاتِ: ٣٥ - ٣٦] عَلَى تَرَادُفِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ، فَلَا حُجَّةَ فِيهِ، لِأَنَّ الْبَيْتَ الْمُخْرَجَ كَانُوا مَوْصُوفِينَ بِالْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الِاتِّصَافِ بِهِمَا تَرَادُفُهُمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>