وَمَذْهَبُ السَّلَفِ وَسَائِرُ الْأَئِمَّةِ إِثْبَاتُ صِفَةِ الْغَضَبِ، وَالرِّضَى، وَالْعَدَاوَةِ، وَالْوِلَايَةِ، وَالْحُبِّ، وَالْبُغْضِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الصِّفَاتِ، الَّتِي وَرَدَ بِهَا الْكِتَابُ وَالسَّنَةُ، وَمَنْعُ التَّأْوِيلِ الَّذِي يَصْرِفُهَا عَنْ حَقَائِقِهَا اللَّائِقَةِ بِاللَّهِ تَعَالَى. كَمَا يَقُولُونَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْكَلَامِ وَسَائِرِ الصِّفَاتِ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ فِيمَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ: إِذْ كَانَ تَأْوِيلُ الرُّؤْيَةِ وَتَأْوِيلُ كُلِّ مَعْنًى يُضَافُ إِلَى الرُّبُوبِيَّةِ - تَرْكَ التَّأْوِيلِ، وَلُزُومَ التَّسْلِيمِ، وَعَلَيْهِ دِينُ الْمُسْلِمِينَ.
وَانْظُرْ إِلَى جَوَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي صِفَةِ الِاسْتِوَاءِ كَيْفَ قَالَ: الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ، وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَوْقُوفًا عَلَيْهَا، وَمَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا تَقَدَّمَ: مَنْ لَمْ يَتَوَقَّ النَّفْيَ وَالتَّشْبِيهَ، زَلَّ وَلَمْ يُصِبِ التَّنْزِيهَ. وَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ أَنَّ الْإِسْلَامَ بَيْنَ الْغُلُوِّ وَالتَّقْصِيرِ، وَبَيْنَ التَّشْبِيهِ وَالتَّعْطِيلِ.
فَقَوْلُ الشَّيْخِ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَا كَأَحَدٍ مِنَ الْوَرَى، نَفْيُ التَّشْبِيهِ. وَلَا يُقَالُ: إِنَّ الرِّضَى إِرَادَةُ الْإِحْسَانِ، وَالْغَضَبَ إِرَادَةُ الِانْتِقَامِ - فَإِنَّ هَذَا نَفْيٌ لِلصِّفَةِ. وَقَدِ اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُرِيدُهُ وَلَا يَشَاؤُهُ، وَيَنْهَى عَمَّا يَسْخَطُهُ وَيَكْرَهُهُ، وَيُبْغِضُهُ وَيَغْضَبُ عَلَى فَاعِلِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ شَاءَهُ وَأَرَادَهُ. فَقَدْ يُحِبُّ عِنْدَهُمْ وَيَرْضَى مَا لَا يُرِيدُهُ، وَيَكْرَهُ وَيَسْخَطُ وَيَغْضَبُ لِمَا أَرَادَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute