بَعْدَ أَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا شَكًّا فِي رَبِّهِ! وَكَانَ ذَلِكَ لِمُنَاظَرَتِهِ قَوْمًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، يُقَالُ لَهُمُ السُّمَنِيَّةُ، مِنْ فَلَاسِفَةِ الْهِنْدِ، الَّذِينَ يُنْكِرُونَ مِنَ الْعِلْمِ مَا سِوَى الْحِسِّيَّاتِ، قَالُوا لَهُ: هَذَا رَبُّكَ الَّذِي تَعْبُدُهُ، هَلْ يُرَى أَوْ يُشَمُّ أَوْ يُذَاقُ أَوْ يُلْمَسُ؟ فَقَالَ: لَا، فَقَالُوا: هُوَ مَعْدُومٌ! ! فَبَقِيَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا لَا يَعْبُدُ شَيْئًا، ثُمَّ لَمَّا خَلَا قَلْبُهُ مِنْ مَعْبُودٍ يَأْلَهُهُ، نَقَشَ الشَّيْطَانُ اعْتِقَادًا نَحَتَهُ فِكْرُهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ الْوُجُودُ الْمُطْلَقُ! ! وَنَفَى جَمِيعَ الصِّفَاتِ، وَاتَّصَلَ بِالْجَعْدِ.
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْجَعْدَ كَانَ قَدِ اتَّصَلَ بِالصَّابِئَةِ الْفَلَاسِفَةِ مِنْ أَهْلِ حَرَّانَ، وَأَنَّهُ أَيْضًا أَخَذَ شَيْئًا عَنْ بَعْضِ الْيَهُودِ الْمُحَرِّفِينَ لِدِينِهِمْ، الْمُتَّصِلِينَ بِلَبِيدِ بْنِ الْأَعْصَمِ، السَّاحِرِ الَّذِي سَحَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقُتِلَ جَهْمٌ بِخُرَاسَانَ، قَتَلَهُ سَلْمُ بْنُ أَحْوَزَ وَلَكِنْ كَانَتْ قَدْ فَشَتْ مَقَالَتُهُ فِي النَّاسِ، وَتَقَلَّدَهَا بَعْدَهُ الْمُعْتَزِلَةُ. وَلَكِنْ كَانَ الْجَهْمُ أَدْخَلَ فِي التَّعْطِيلِ مِنْهُمْ، لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الْأَسْمَاءَ حَقِيقَةً، وَهُمْ لَا يُنْكِرُونَ الْأَسْمَاءَ بَلِ الصِّفَاتِ.
وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي الْجَهْمِيَّةِ: هَلْ هُمْ مِنَ الثِّنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً أَمْ لَا؟ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ: وَمِمَّنْ قَالَ إِنَّهُمْ لَيْسُوا مِنَ الثِّنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَيُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute