للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمَنَّانُ، بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ وَسَمِعَ آخَرَ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ " فَقَالَ لِأَحَدِهِمَا: " لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى ". وَقَالَ لِلْآخَرِ: " سَلْ تُعْطَهُ» " وَذَلِكَ لِمَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الدُّعَاءُ مِنْ أَسْمَاءِ الرَّبِّ وَصِفَاتِهِ.

وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " «مَا أَصَابَ عَبْدٌ قَطُّ هَمٌّ وَلَا حُزْنٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ابْنُ عَبْدِكَ ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجَلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي وَغَمِّي، إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَحًا " قَالُوا: أَفَلَا نَتَعَلَّمُهُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " بَلَى، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ» ".

وَقَدْ نَبَّهَ سُبْحَانَهُ عَلَى إِثْبَاتِ صِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ بِطَرِيقِ الْمَعْقُولِ، فَاسْتَيْقَظَتْ لِلتَّنْبِيهِ الْعُقُولُ الْحَيَّةُ، وَاسْتَمَرَّتْ عَلَى رُقَادِهَا الْعُقُولُ الْمَيْتَةُ ; فَقَالَ فِي صِفَةِ الْعِلْمِ: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: ١٤] فَتَأَمَّلْ صِحَّةَ هَذَا الدَّلِيلِ مَعَ غَايَةِ إِيجَازِ لَفْظِهِ بِاخْتِصَارٍ، وَقَالَ: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [النحل: ١٧] فَمَا أَصَحَّ هَذَا الدَّلِيلَ وَمَا أَوْجَزَهُ، وَقَالَ تَعَالَى فِي صِفَةِ الْكَلَامِ:

<<  <   >  >>