للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَتَأَمَّلْ هَذَا السِّيَاقَ هَلْ يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْحَقِيقَةِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " «لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمَلِكِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ» "، وَقَوْلُ زَيْنَبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ وَزَوَّجَنِي اللَّهُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ» " لَا يَصِحُّ فِيهِ فَوْقِيَّةُ الْمَجَازِ أَصْلًا إِذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى: زَوَّجَنِي اللَّهُ حَالَ كَوْنِهِ أَفْضَلَ مِنْ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ.

وَثَبَتَ «عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ مَرَّ بِعَجُوزٍ فَاسْتَوْقَفَتْهُ فَوَقَفَ يُحَدِّثُهَا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، حَبَسْتَ النَّاسَ عَلَى هَذِهِ الْعَجُوزِ، فَقَالَ: وَيْحَكَ، أَتَدْرِي مَنْ هَذِهِ؟ هَذِهِ امْرَأَةٌ سَمِعَ اللَّهُ شَكْوَاهَا مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ» ، هَذِهِ خَوْلَةُ الَّتِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهَا {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} [المجادلة: ١] أَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ.

فَسَلِ الْمُعَطِّلَ هَلْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَهَا حَالَ كَوْنِهِ خَيْرًا وَأَفْضَلَ مِنْ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ؟

وَرَوَى أَبُو الْقَاسِمِ اللَّالَكَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِالْإِسْنَادِ الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: " مَا «بَيْنَ السَّمَاءِ الْقُصْوَى وَالدُّنْيَا خَمْسُمِائَةِ عَامٍ، وَبَيْنَ الْكُرْسِيِّ وَالْمَاءِ كَذَلِكَ، وَالْعَرْشُ فَوْقَ الْمَاءِ، وَاللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَعْمَالِكُمْ» " رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَأَبُو عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيُّ وَأَبُو أَحْمَدَ الْعَسَّالُ، وَهَذَا تَفْسِيرُ قَوْلِهِ {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: ١٨] وَرَوَى

<<  <   >  >>