قَالَ إِنَّ آخِرَ وَطْأَةِ اللَّهِ لَبِوَجٍّ، قَالَ سُفْيَانُ وَكَانَ سَعْدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَقُولُ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: تَسْأَلُونِي وَفِيكُمْ عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ.
وَفِي الْبَابِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَيَعْلَى بْنِ مُرَّةَ.
فَهَذِهِ عَشَرَةُ أَنْوَاعٍ مِنَ النُّزُولِ وَالْمَجِيءِ وَالْإِتْيَانِ وَنَظَائِرِهَا، تَضَمَّنَهَا كَلَامُ أَعْلَمِ الْخَلْقِ بِاللَّهِ وَأَقْدَرِهِمْ عَلَى اللَّفْظِ الْمُطَابِقِ لِمَا قَصَدَهُ مِنْ وَصْفِ الرَّبِّ تَعَالَى وَأَنْصَحِهِمْ لِلْأُمَّةِ وَالْمَجَازُ وَإِنْ أَمْكَنَ فِي فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ أَوْ أَكَثَرَ فَإِنَّهُ مِنَ الْمُحَالِ عَادَةً أَنْ يَطَّرِدَ فِي جَمِيعِهَا اطِّرَادًا وَاحِدًا، بِحَيْثُ يَكُونُ الْجَمِيعُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ مَجَازًا.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ شُرَيْحٍ، وَقَدْ صَحَّ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الدِّيَانَةِ وَالسُّنَّةِ إِلَى زَمَانِنَا أَنَّ جَمِيعَ الْآثَارِ وَالْأَخْبَارِ الصَّادِقَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ نَصٌّ فِي الصِّفَاتِ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الْإِيمَانُ بِهَا، وَأَنَّ السُّؤَالَ عَنْ مَعَانِيهَا بِدْعَةٌ، وَالْجَوَابُ كُفْرٌ وَذَنْدَقَةٌ، مِثْلَ قَوْلِهِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥] {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: ٢٢] وَنَظَائِرِهَا مِمَّا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ، كَالْفَوْقِيَّةِ وَالنَّفْسِ وَالْيَدَيْنِ، وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ، وَصُعُودِ الْكَلَامِ الطَّيِّبِ إِلَيْهِ، وَالضَّحِكِ وَالتَّعَجُّبِ، وَالنُّزُولِ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَاعْتِقَادُنَا فِي الْآيِ الْمُتَشَابِهَةِ فِي الْقُرْآنِ نَقْلُهَا وَلَا نَرُدُّهَا، وَلَا نَتَأَوَّلُهَا بِتَأْوِيلِ الْمُخَالِفِينَ، وَلَا نَحْمِلُهَا عَلَى تَشْبِيهِ الْمُشَبِّهِينَ، وَلَا نَتَرَحَّمُ عَنْ صِفَاتِهِ بِلُغَةٍ غَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ وَنُسَلِّمُ الْخَبَرَ لِظَاهِرِ تَنْزِيلِهَا.
قَالَ إِمَامُ عَصْرِهِ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ فِي كِتَابِ التَّبْيِينِ فِي مَعَالِمِ الدِّينِ: الْقَوْلُ فِيمَا أَدْرَكَ عِلْمُهُ مِنَ الصِّفَاتِ خَبَرًا، وَذَلِكَ مِثْلَ إِخْبَارِهِ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ، وَأَنَّ لَهُ يَدَيْنِ، وَأَنَّ لَهُ وَجْهًا، وَأَنَّ لَهُ قَدَمًا، وَأَنَّهُ يَضْحَكُ، وَأَنَّهُ يَهْبِطُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، وَذَكَرَ أَوَّلَهَا.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ» . . . الْحَدِيثَ، أَلَيْسَ يَقُولُ لِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: صَحِيحٌ، وَزَادَ إِسْحَاقُ: لَا يَدَعُهُ إِلَّا مُبْتَدِعٌ، وَقَالَ الْخَلَّالُ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَسَّانَ قَالَ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ لَهُ فِي شَعْبَانَ كَمَا جَاءَ فِي الْأَثَرِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
وَقَالَ حَنْبَلٌ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: نُزُولُهُ بِعِلْمِهِ أَمْ بِمَاذَا؟ فَقَالَ اسْكُتْ عَنْ هَذَا، وَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute