وَقَالَ مَالِكٌ: وَلِهَذَا أَمْضِ الْحَدِيثَ كَمَا وَرَدَ بِلَا كَيْفٍ وَلَا تَحْدِيدٍ إِلَّا بِمَا جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ، وَبِمَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} [النحل: ٧٤] يَنْزِلُ كَيْفَ شَاءَ بِقُدْرَتِهِ وَعِلْمِهِ وَعَظَمَتِهِ، أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ.
وَقَالَ بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ لِحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ: يَنْزِلُ رَبُّنَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا يَتَحَوَّلُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ؟ فَسَكَتَ حَمَّادٌ ثُمَّ قَالَ: هُوَ مَكَانُهُ يَقْرُبُ مِنْ خَلْقِهِ كَيْفَ شَاءَ، وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ الَّذِينَ حُمِلَ عَنْهُمُ التَّأْوِيلُ يَعْنِي تَفْسِيرَ الْقُرْآنِ قَالُوا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} [المجادلة: ٧] هُوَ عَلَى عَرْشِهِ وَعِلْمُهُ بِكُلِّ مَكَانٍ، وَمَا خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ مَنْ يُحْتَجُّ بِقَوْلِهِ.
وَقَالَ: أَهْلُ السُّنَّةِ مُجْمِعُونَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالصِّفَاتِ الْوَارِدَةِ كُلُّهَا فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِيمَانِ بِهَا، وَحَمْلِهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ لَا عَلَى الْمَجَازِ، لِأَنَّهُمْ لَا يُكَيِّفُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ سَعِيدٍ الرَّابِطِيَّ يَقُولُ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ الْأَمِيرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ ذَاتَ يَوْمٍ وَحَضَرَ إِسْحَاقُ يَعْنِي ابْنَ رَاهَوَيْهِ فَسُئِلَ عَنْ حَدِيثِ النُّزُولِ أَصَحِيحٌ هُوَ؟ قَالَ نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ قُوَّادِ الْأَمِيرِ عَبْدِ اللَّهِ، يَا أَبَا يَعْقُوبَ أَتَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَ كَيْفَ يَنْزِلُ؟ قَالَ لَهُ إِسْحَاقُ: أَثْبِتْهُ فَوْقَ حَتَّى أَصِفَ لَكَ النُّزُولَ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أُثْبِتُهُ فَوْقَ؟ فَقَالَ لَهُ إِسْحَاقُ: قَالَ اللَّهُ جَلَّ شَأْنُهُ {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا} [الفجر: ٢٢] فَقَالَ الْأَمِيرُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرٍ: يَا أَبَا يَعْقُوبَ هَذَا يَوْمُ الْقِيَامَةِ، قَالَ إِسْحَاقُ أَعَزَّ اللَّهُ الْأَمِيرَ وَمَنْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ يَمْنَعُهُ الْيَوْمَ؟ .
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ: قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: إِذَا قَالَ لَكَ الْجَهْمِيُّ: أَنَا أَكْفُرُ بِرَبٍّ يَزُولُ عَنْ مَكَانِهِ، فَقُلْ أَنْتَ: أُؤْمِنُ بِرَبٍّ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ؟ وَقَدْ ذَكَرَ الْأَثْرَمُ هَذِهِ الْحِكَايَةَ أَطْوَلَ مِنْ هَذَا.
وَقَالَ الْخَلَّالُ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ عِيسَى أَنَّ حَنْبَلًا حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute