للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ احْتَجَّ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ " «إِذَا قَضَى اللَّهُ فِي السَّمَاءِ أَمْرًا ضَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ» ".

فَهَذَانَ إِمَامَا أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْبُخَارِيُّ، وَكُلُّ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ عَلَى قَوْلِهِمَا، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ وَحَكَاهُ إِجْمَاعًا حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ صَاحِبُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ، وَصَرَّحَ بِهِ خُشَيْشُ بْنُ أَصْرَمَ النَّسَائِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْمِصِّيصِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ وَابْنُهُ أَبُو بَكْرٍ.

وَقَدِ احْتَجَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ، وَأَخْبَرَ أَنَّ الْمُنْكِرِينَ لِذَلِكَ هُمُ الْجَهْمِيَّةُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ قَوْمٍ يَقُولُونَ: " لَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى لَمْ يَتَكَلَّمْ بِصَوْتٍ "، فَقَالَ أَبِي: تَكَلَّمَ اللَّهُ بِصَوْتٍ، وَرَوَى إِمَامُ الْأُمَّةِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أُرْوَاهُ عَنْ جَابِرٍ حَدِيثًا طَوِيلًا وَفِيهِ " «فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ أَتَاهُمْ نِدَاءٌ مِنْ قِبَلِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ: عِبَادِي مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ فِي الدُّنْيَا؟ فَيَقُولُ: أَنْتَ أَعْلَمُ إِيَّاكَ نَعْبُدُ، فَيَأْتِيهِمْ صَوْتٌ لَمْ يَسْمَعِ الْخَلَائِقُ بِمِثْلِهِ: عِبَادِي صَدَقْتُمْ فَقَدْ رَضِيتُ عَنْكُمْ، فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ بِالشَّفَاعَةِ، فَيَقُولُ الْمُشْرِكُونَ: مَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ» ". وَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «يَقْبِضُ اللَّهُ تَعَالَى الْأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَهْتِفُ بِصَوْتِهِ: مَنْ كَانَ لِي شَرِيكًا فَلْيَأْتِ، لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ؟ فَلَا يُجِيبُهُ أَحَدٌ، فَيَقُولُ: لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ، ثُمَّ يَزْجُرُ الْخَلَائِقَ زَجْرَةً أُخْرَى فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ. . .» " الْحَدِيثَ، وَقِطْعَةٌ مِنْ حَدِيثِ الصُّورِ الطَّوِيلِ، وَلَمْ يَزَلِ الْأَئِمَّةُ يَرْوُونَهُ وَيَحْتَجُّونَ بِهِ حَتَّى حَدَثَتِ الْجَهْمِيَّةُ.

وَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُوحِيَ بِالْأَمْرِ فَتَكَلَّمَ بِالْوَحْيِ. . .» " الْحَدِيثَ، قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: ابْنُ أَبِي زَكَرِيَّا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ سَمِعَ صَوْتَهُ أَهْلُ السَّمَاءِ فَيَخِرُّونَ سُجَّدًا حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ، قَالَ سُكِّنَ عَنْ قُلُوبِهِمْ، نَادَى أَهْلُ السَّمَاءِ أَهْلَ

<<  <   >  >>