مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: بَلَغَنِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ مِنَ الْقُصَّاصِ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ إِلَى أَنْ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " «فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ قُبُورِكُمْ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا، ثُمَّ يُنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ غَيْرِ فَظِيعٍ يَسْمَعُهُ مِنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ، فَيَقُولُ: أَنَا الدَّيَّانُ لَا تَظَالُمَ الْيَوْمَ، أَمَا وَعِزَّتِي لَا يُجَاوِرُنِي الْيَوْمَ ظُلْمُ ظَالِمٍ، وَلَوْ لَطْمَةُ كَفٍّ بِكَفٍّ أَوْ يَدٍ عَلَى يَدٍ، أَلَا وَإِنَّ أَشَدَّ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي عَمَلُ قَوْمِ لُوطٍ، فَلْتَرْتَقِبْ أُمَّتِي الْعَذَابَ إِذَا تَكَافَأَ النِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ وَالرِّجَالُ بِالرِّجَالِ» " وَرَوَاهُ تَمَّامٌ فِي فَوَائِدِهِ.
وَيَكْفِي رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ فِي صَحِيحِهِ مُسْتَشْهِدًا بِهِ، وَاحْتَجَّ بِهِ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ، وَرَوَاهُ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ فِي كُتُبِ السُّنَّةِ وَمَا زَالَ السَّلَفُ يَرْوُونَهُ، وَلَمْ يُسْمَعْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ أَنَّهُ أَنْكَرَهُ حَتَّى جَاءَتِ الْجَهْمِيَّةُ فَأَنْكَرُوهُ، وَمَضَى عَلَى آثَارِهِمْ مَنِ اتَّبَعَهُمْ فِي ذَلِكَ.
وَقَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ: قُلْتُ لَأَبِي يَا أَبَتِ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِصَوْتٍ، فَقَالَ بَلَى تَكَلَّمَ بِصَوْتٍ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ: وَيُذْكَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ خَفِيًّا مِنَ الصَّوْتِ، وَيَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ رَفِيعَ الصَّوْتِ» أَوْ " «أَنَّ اللَّهَ يُنَادِي بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ» "، وَلَيْسَ هَذَا لِغَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: وَفِي هَذَا دَلِيلٌ أَنَّ صَوْتَ اللَّهِ لَا يُشْبِهُ أَصْوَاتَ الْخَلْقِ ; لِأَنَّ صَوْتَ اللَّهِ يُسْمَعُ مِنْ بُعْدٍ كَمَا يُسْمَعُ مَنْ قُرْبٍ، وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ يُصْعَقُونَ مِنْ صَوْتِهِ، ثُمَّ سَاقَ حَدِيثَ جَابِرٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ يَقُولُهُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " «يُحْشَرُ الْعِبَادُ فَيُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ: أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الدَّيَّانُ. . .» " الْحَدِيثَ.
ثُمَّ احْتَجَّ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " «يَقُولُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا آدَمُ، فَيَقُولُ لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيُنَادَى بِصَوْتٍ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ. . .» " الْحَدِيثَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute