أَخْلَصُوا لِلَّهِ الدِّينَ وَالْعَمَلَ وَالدَّعْوَةَ أَنْ جَرَّدُوا الدَّعْوَةَ إِلَيْهِ وَإِلَى كِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَطْ لَا إِلَى رَأْيِ فُلَانٍ وَقَوْلِ فُلَانٍ.
وَقَالَ سُفْيَانُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [النور: ٦٣] .
قَالَ يُطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ إِنَّمَا هِيَ الْكُفْرُ، وَلَقِيَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ عُمَرَ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ فِي الطَّوَافِ فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا الشَّعْثَاءِ إِنَّكَ مِنْ فُقَهَاءِ الْبَصْرَةِ فَلَا تُفْتِ إِلَّا بِقُرْآنٍ نَاطِقٍ أَوْ سُنَّةٍ مَاضِيَةٍ، فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ غَيْرَ ذَلِكَ هَلَكْتَ وَأَهْلَكْتَ.
وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ وَحَدَّثَ بِخَبَرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا تَأْخُذُ بِهِ؟ فَقَالَ: أَتَرَى عَلَى وَسَطِي زُنَّارًا، لَا تَقُلْ لِخَبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَأْخُذُ بِهِ وَقُلْ أَصَحِيحٌ هُوَ ذَا؟ فَإِذَا صَحَّ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ بِهِ شِئْتَ أَمْ أَبَيْتَ.
وَقَالَ أَفْلَحُ مَوْلَى أَمِّ سَلَمَةَ: «إِنَّهَا كَانَتْ تُحَدِّثُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهِيَ تَمْتَشِطُ " أَيُّهَا النَّاسُ " فَقَالَتْ لِمَاشِطَتِهَا: كُفِّي رَأْسِي، قَالَتْ: فَدَيْتُكِ إِنَّمَا يَقُولُ أَيُّهَا النَّاسُ، فَقَالَتْ: وَيْحَكِ أَوَلَسْنَا مِنَ النَّاسِ؟ فَكَفَّتْ رَأْسَهَا وَقَامَتْ فِي حُجْرَتِهَا فَسَمِعَتْهُ يَقُولُ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنَا عَلَى حَوْضِي إِذْ جِيءَ بِكُمْ زُمَرًا فَتَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُّرُقُ فَنَادَيْتُكُمْ أَلَا هَلُمَّ إِلَى الطَّرِيقِ فَيُنَادِي مُنَادٍ إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ أَلَا سُحْقًا سُحْقًا» ".
وَهَذِهِ الطُّرُقُ الَّتِي تَفَرَّقَتْ بِهِمْ هِيَ الطُّرُقُ وَالْمَذَاهِبُ الَّتِي ذَهَبُوا إِلَيْهَا وَأَعْرَضُوا عَنْ طَرِيقِهِ وَمَذْهَبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَجُوزُونَ عَلَى الطَّرِيقِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا لَمْ يَسْلُكُوا الطَّرِيقَ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِيَّاكُمْ وَالرَّأْيَ فَإِنَّ اللَّهَ رَدَّ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الرَّأْيَ وَقَالَ: إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ وَقَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: ١٠٥] وَلَمْ يَقُلْ بِمَا رَأَيْتَ.
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مَا أُخْرِجَ آدَمُ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَّا بِتَقْدِيمِ الرَّأْيِ عَلَى النَّصِّ، وَمَا لُعِنَ إِبْلِيسُ وَغُضِبَ عَلَيْهِ إِلَّا بِتَقْدِيمِ الرَّأْيِ عَلَى النَّصِّ، وَلَا هَلَكَتْ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ إِلَّا بِتَقْدِيمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute