للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هَذَا الْفَرْقُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنَ التَّابِعِينَ، وَلَا مَنْ تَابَعَهُمْ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ عَنْ رُءُوسِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ.

وَطَائِفَةٌ رَابِعَةٌ: رَدَّتْ أَخْبَارَ الصَّحَابَةِ كُلِّهِمْ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ أَخْبَارِ أَهْلِ الْبَيْتِ وَشِيعَتِهِمْ خَاصَّةً، وَهَذَا مَذْهَبُ الرَّافِضَةِ، فَلَمْ يَقْبَلْ هَؤُلَاءِ قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ.

وَطَائِفَةٌ خَامِسَةٌ: رَدَّتْ أَخْبَارَ الْمُقْتَتِلِينَ يَوْمَ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ، وَقَبِلَتْ خَبَرَ غَيْرِهِمْ قَالُوا: لِأَنَّهُ قَدْ فَسَقَ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَهِيَ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ فَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهَا وَيُقْبَلُ خَبَرُ غَيْرِهَا.

وَطَائِفَةٌ سَادِسَةٌ: قَبِلَتْ خَبَرَ الْأَرْبَعَةِ بِشَرْطِ تَنَائِي بُلْدَانِهِمْ، وَأَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَبِلَهُ عَنْ غَيْرِ الَّذِي قَبِلَهُ صَاحِبُهُ، ثُمَّ قَبِلَهُ عَنْهُ مَنْ أَدَّاهُ إِلَيْنَا مِمَّنْ لَمْ يَقْبَلْ عَنْ صَاحِبِهِ، حَكَاهُ الشَّافِعِيُّ عَمَّنْ نَاظَرَهُ عَلَيْهِ وَرَدَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) فَقُلْتُ لَهُ: أَرَأَيْتَ لَوْ لَقِيتَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَهُمُ الْمُقَدَّمُونَ مِمَّنْ أَثْنَى اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي كِتَابِهِ، فَأَخْبَرَكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَانَ يَلْزَمُكَ أَنْ تَقُولَ بِهِ؟ قَالَ: لَا يَلْزَمُنِي، لِأَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ فِي الْوَاحِدِ الْغَلَطُ وَالنِّسْيَانُ، ثُمَّ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ فِي إِبْطَالِ هَذَا الْمَذْهَبِ.

وَطَائِفَةٌ سَابِعَةٌ: قَبِلَتْ خَبَرَ الْوَاحِدِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الصَّحَابَةِ نِزَاعٌ فِي مَضْمُونِهِ وَرَدَّتْهُ إِذَا تَنَازَعُوا فِي حُكْمِهِ، حَكَاهُ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا وَرَدَّهُ.

وَطَائِفَةٌ ثَامِنَةٌ: قَبِلَتْ خَبَرَ الْوَاحِدِ فِيمَا لَا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ، وَرَدَّتْهُ فِيمَا يَسْقُطُ بِهَا كَالْحُدُودِ الَّتِي تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَزَعَمَتْ أَنَّ احْتِمَالَ الْغَلَطِ وَالْكَذِبِ عَنِ الرَّاوِي شُبْهَةٌ فِي إِسْقَاطِ الْحَدِّ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ، وَحَكَوْهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ.

وَطَائِفَةٌ تَاسِعَةٌ: رَدَّتْ خَبَرَ الْوَاحِدِ إِذَا لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ، وَقَبِلَتْهُ إِذَا رَوَاهُ ثِقَةٌ آخَرُ فَصَاعِدًا حَكَاهُ عَنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ.

وَطَائِفَةٌ عَاشِرَةٌ: رَدَّتْهُ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَقَبِلَتْهُ فِيمَا عَدَاهُ، وَحَكَوْهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ كَذِبٌ عَلَيْهِ وَعَلَى أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، فَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْهُمُ الْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا هَذَا قَوْلُ مُتَأَخِّرِيهِمْ، وَأَقْدَمُ مَنْ قَالَ بِهِ عِيسَى بْنُ أَبَانٍ وَتَبِعَهُ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ وَغَيْرُهُ.

وَطَائِفَةٌ حَادِيَةَ عَشَرَ: رَدُّوهُ إِذَا كَانَ الرَّاوِي لَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ غَيْرَ فَقِيهٍ بِزَعْمِهِمْ وَقَبِلُوهُ إِذَا كَانَ فَقِيهًا، وَبِمِثْلِ ذَلِكَ رَدُّوا رِوَايَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ إِذَا خَالَفَتْ آرَاءَهُمْ، قَالُوا: لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا، وَقَدْ أَفْتَى فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَقَرَّهُ عَلَى الْفَتْوَى، وَاسْتَعْمَلَهُ نَائِبًا عَلَى الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِهَا، وَمِنْ تَلَامِيذِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَغَيْرُهُ مِنَ التَّابِعِينَ.

<<  <   >  >>