للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبل- من حالات الاضطراب النفسي والقلق الفردي والجماعي.

والأثر -الثاني- هو ظهور ظاهرة -الاغتراب alienatiom- التي يعاني منها الإنسان المعاصر، وشدة الحاجة إلى معرفة الذات الإنسانية، وهوية الإنسان ومكانته، وعلاقاته بنفسه وبالآخرين من حوله.

والأثر -الثالث- هو إحساس إنسان التربية الحديثة -بالعجز Powerlessnss. وحقيقة هذا المرض هو شعور الإنسان المعاصر بالعجز عن التأثير في مجريات حياته. فبرز رق الآلة ورق مكان العمل، ورق وسائل الإعلام، الأمر الذي أفقد الإنسان حريته في الاختيار والتفكير، وانتهى به إلى الاستسلام لعوامل البيئة المحيطة في تلبية الحاجات، ومواجهة المشكلات. ولقد ناقش هذا المرض النفسي مربون وعلماء اجتماع، وعلم نفس من أمثال: ثيودور روزاك وديفيد مارتن، ومايكل لبرنر وسماه الأخير -فائض العجز١.

والأثر -الرابع- هو شعور إنسان التربية الحديثة بانتقاص الذات بسبب انحسار المثل الأعلى عند التربية الحديثة إلى مستوى الحفاظ على الجسد البشري، الذي ابتكرت له الشعارات من أمثال: "الكفاح من أجل المعيشة" و"البقاء للأقوى". وخلال الكفاح من أجل البقاء أفرزت أمراض الطغيان والاستضعاف، وجملت الرذيلة والفساد، وقبحت الفضيلة والصلاح، والجري المتواصل وراء الغرائز والشهوات.

والأثر -الخامس- هو فقدان إنسان التربية الحديثة الانتماء affilation، وصار الإنسان رقمًا في ركام البشر المتدفق في شوارع المدن الكبرى حيث يعيش الناس سجناء في سجون مساكنهم، وشققهم وراء أبواب مصفدة بالأقفال والأزراد والخوف من الجريمة والاغتصاب. فصارت مساكن الناس المتجاورة ماديا متباعدة نفسيا واجتماعيا، وكأنهم يعيشون في حديقة حيوانات!! تتطلع الضارية منها لافتراس الضعيفة.


١ Michael Lerner, Surplus Powlerlessness, New Jersey: Humanities Press, ١٩٩١.

<<  <   >  >>