ويضيف هؤلاء إن الأمر لا يحتاج إلى عميق نظر لملاحظة التوازي بين تربية الطفل "كعامل" ووظيفة المعلم "كرئيس عمال" أو"مشرف عمال" وإنه يجري التركيز على هاتين الصفتين في جميع مستويات التعليم. ذلك أن جميع المهن تحتاج في الغالب إلى عمال، وموظفين لهم معرفة بالوقت ودقة في أوقات الحضور ومثابرة مستمرة بالعمل حتى تنطلق صفارة التوقف. وهذا النوع من اليقظة والدقة هو ما تدرب المدارس الطلبة عليه من خلال التأكيد على عمل الواجبات المدرسية، وأهمية الحضور وعدم التأخير الذي يتسبب في خصم بعض العلامات، ودق الجرس في وقت محدد، وإدارة فصول الدراسة بالطريقة التي تدار بها المصانع والمعامل، وإشاعة الاتجاهات والقيم والعادات المطلوبة في دنيا العمل.
ويسمي -جون جارولمك- هذه التعليمات والنظم كلها بـ"منهاج المدرسة الخفي" الذي يندر أن تبرز نصوصه واضحة في المنهاج رغم أنها جزء رئيسي من عمل المعلم. فأصحاب العمل يميلون عادة لتعليم العمال الواجبات الدقيقة، وأن يجري إنجازها بسرعة وطاعة، وحيوية وعلى مستوى عال من الإنجاز. وهم يتوقعون من المدارس أن تطور هذه الصفات قبل دخول الناشئ دنيا العمل. ومن أبعاد هذا "المنهاج الخفي" تدريب الناشئ على التعاون مع الآخرين، والعمل كفريق من ناحية، ولكن تدريبهم على التنافس الذي يحتاجه عالم العمل من ناحية أخرى. وهذا من شأنه أن يخلق نوعًا من التناقض في شخصية الفرد، ويهيئ لأسباب الصراع الذي يدور في العادة في أماكن العمل في صفوات العمال والموظفين؛ لأن الفرد لا يستطيع أن يكون متعاونًا ومنافسًا في آن واحد.
ومن أبعاد هذا "المنهاج الخفي" أن المدرسة تركز على المهارات الأساسية اللازمة لدنيا العمل كالقراءة، والكتابة والحساب وحسن الحديث، كذلك يجري التركيز على المقررات العلمية والمهنية، وإعطاء المكانة الأولى لها بينما يقلل من قيمة الدراسات المتعلقة بإنسانية الإنسان، ورفعته وأخلاقه