للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مؤسسات التربية الإسلامية التقليدية، ومضت في تطبيقه دون مراجعة أو تقويم. إذ يكشف النظر في هذا التراث على أنه ينقسم إلى قسمين: التراث الذي انحذر من عصور الازدهار، وفيه نرى العناية بتنمية العمل الجماعي وتنمية الولاء للرسالة، وتراث انحدر من عصور الركود، والجمود وفيه انحسرت التربية من حياة الجماعة لتركز على -إعداد الفرد، -الموالي للمذهب أو الطريقة، ويتهيأ

منذ سنوات الولادة للانتقال إلى الآخرة، وكأنه لا يمر بالدنيا. ولذلك اتسمت مؤلفات هذه الحقبة الراكدة بالتوجه إلى -الفرد المسلم لا إلى الأمة المسلمة- وعدم الاشتغال بالمهارات اللازمة للحياة الدنيا.

والأمر الثالث، أن تقوم التربية الإسلامية بتجديد المهارات الجهادية، ونوع الجهاد اللازم للزمان والمكان، وأشكال التنظيم، والتخطيط اللازمين لتعبئة القدرات، والمهارات التي تقوم بتنميتها، وأن تهيئ لتوزيع الأدوار بين أفراد أمة الرسالة على أساس الجدارة، والاعتبارات التي تمليها متطلبات حمل الرسالة.

والأمر الرابع، تحديد سعة دائرة المسئولية التي يجب إعداد متعلمي الزمان والمكان للعمل داخلها؛ لأن الدائرة النهائية لهذه المسئولية تشمل الإنسانية كلها -كما يذكر الإمام الرازي- فهو يرى أنه ما من شخص إلا ويكون من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم: فإن كان مؤمنًا فهو من أمة الاتباع، وإن كان كافرا فهو من أمة الدعوة، وإن هذا معنى قوله: بعثت إلى الأحمر والأسود١.

ومثل الرازي -ابن تيمية- الذي ذكر أن الله ختم الرسل بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وأخرج أمته لتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتؤمن بالله، وأقام علماءها مقام الأنبياء في تبليغ الرسالة"٢.


١ الرازي، التفسير، جـ٨، ص١٤٦.
٢ ابن تيمية، الفتاوى، توحيد الألوهية، جـ١، ص٢، ٣.

<<  <   >  >>