للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال -صلى الله عليه وسلم: "لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط، إلا في حد من حدود الله" ١.

والسجن الإسلامي يختلف عن السجن غير الإسلامي بحيث يتطابق مع احترام الإسلام لإنسانية الإنسان، ويحافظ على كرامته. وفي ذلك يقول ابن تيمية:

"الحبس الشرعي ليس السجن في مكان ضيق، وإنما هو تعويق الشخص ومنعه من التصرف بنفسه، سواء كان في بيت أو مسجد، أو بتوكيل نفس الخصم أو وكيل الخصم عليه، ولذلك سماه الرسول -صلى الله عليه وسلم- أسيرا"٢.

ولقد برزت آثار التوجيهات التي عمقتها التربية الإسلامية في جيل الصحابة والراشدين، فاتخذوها دستورا في مؤسسات الإدارة والشرطة، والجيش الموكلة بالحفاظ على "النصرة" في الداخل والخارج. فقد كان عمر بن الخطاب إذا بعث عماله شرط عليهم أن يعيشوا معيشة الناس، وأن يركبوا ما يركبه عامة الناس، وأن يلبسوا ما يلبسه عامة الناس ثم يشيعهم. فإذا أراد أن يرجع قال:

"إني لم أسلطكم على دماء المسلمين، ولا على أعراضهم ولا على أموالهم. ولكني بعثتكم لتقيموا الصلاة وتقسموا فيهم فيئهم، وتحكموا بالعدل. فإذا أشكل عليكم شيء فارفعوه إلي. ألا فلا تضربوا العرب فتذلوها، ولا تجمروها فتفتنوها، ولا تعتلوا عليها فتحرموها، جردوا القرآن"٣.


١ البخاري ومسلم، وأحمد، والترمذي، وأبو داود.
٢ ابن تيمية، الفتاوى، كتاب قتال أهل البغي، جـ٣٥، ص٣٩٨.
٣ المتقي الهندي، كنز العمال، جـ٥، ص٦٨٨ نقلا عن البيهقي في شعب الإيمان.
تجمروها: تجمير الجيش جمعه في الثغور وحبسهم عن العود إلى أهلهم.
جردوا القرآن: لا تقرنوا به شيئا ليكون وحده منفردا.

<<  <   >  >>