للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد خطب الخليفة عمر رضي الله عنه يوما في الناس فقال:

"ألا إني والله ما أرسل عمالي إليكم ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم. ولكن أرسلهم ليعلموكم دينكم وسنتكم. فمن فعل به شيء سوى ذلك فليرفعه إلي. فوالذي نفسي بيده إذا لأقصنه منه"!

فوثب عمرو بن العاص فقال:

"يا أمير المؤمنين أو رأيت إن كان رجل من المسلمين على رعية، فأدب بعض رعيته أئنك لمقصنه منه"؟

فقال الخليفة: "أي والذي نفس عمر بيده إذا لأقصنه منه، وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقص من نفسه. ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تجمروهم فتفتنوهم، ولا تمنعوا حقوقهم فتكفروهم، ولا تنزلوا الغياض فتضيعوهم"١.

واعتماد هذه المبادئ الإسلامية في تشكيل عمل مؤسسات النصرة التي مر ذكرها يتطلب أمرين اثنين:

الأول، أن يتم تأسيس التربية العسكرية على الأصول الإسلامية التي تعد العسكري المسلم ليدور ولاؤه في فلك "أفكار" الرسالة، وتحريره من صنمية الولاء الأعمى لـ"أشخاص" الحاكمين و"أشياء" المترفين، وهو ما تفعله المؤسسات البوليسية، والعسكرية التي توجهها التربية العسكرية الحديثة -خاصة في أقطار العالم الثالث- ولا يكون من ثمارها إلا الرهق، والإرهاب للأمم والمجتمعات في الداخل، والعجز المذل أمام العدوان النازل بها من خارج.

والثاني، أن تختلف الإجراءات التي تمارسها المؤسسات العسكرية، والعقوبات التي تطبقها لإمضاء قوانين النصرة، وتشريعاتها عن نظائرها من


١ مسند أحمد، "تصنيف الساعاتي"، جـ٣، ص٨٧.

<<  <   >  >>