للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يختلف أمرهم وأحكامهم، وتتفرق كلمتهم وجماعتهم، ويتنازعون فيما بينهم، هناك تترك السنة وتظهر البدعة، وتعظم الفتنة وليس لأحد على ذلك صلاح"١.

وحين اقترح أحد الأنصار في سقيفة بني ساعدة أن يكون للمسلمين خليفتان في آن واحد وقال للمهاجرين: منا رجل ومنكم رجل، أجابه عمر بن الخطاب: "سيفان في غمد واحد إذا لا يصلحان"٢.

والثاني، تنمية الوعي بأهمية العمل الجماعي، وسيادة مبدأ الشورى؛ لأن في الشورى تجسيدا لإرادة الأمة، وإشراكًا لجميع أفرادها وهيآتها في حمل المسئولية. وهو ما طبقه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وسار عليه الخلفاء الراشدون. فقد كان أبو بكر وعمر إذا ما ورد على أحدهما أمر نظر في الكتاب والسنة، ثم شاور العلماء وأولي الرأي٣.

والثالث، تكافؤ الفرص وعدم محاباة الأقارب والأصدقاء، وتوزيع الوظائف والأعمال طبقا لمقاييس الإخلاص والكفاءة. وهذا ما وجه إليه أبو بكر الصديق. فعن يزيد بن أبي سفيان: قال أبو بكر لما بعثني إلى الشام، يا يزيد إن لك قرابة عسى أن تؤثرهم بالإمارة، وذلك أكبر ما أخاف عليك، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من ولي من أمور المسلمين شيئا فأمر عليهم أحد محاباة له بغير حق، فعليه لعنة الله لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا حتى يدخله جهنم. ومن أعطى أحدا من مال أخيه محاباة له، فعليه لعنة الله" أو قال: "برئت منه ذمة الله. إن الله دعا الناس أن يؤمنوا فيكونوا حمى الله! فمن انتهك في حمى الله شيئا بغير حق فعليه لعنة الله". أو قال: "برئت منه ذمة الله عز وجل" ٤.


١ البيهقي، السنن الكبرى، جـ٨ "بيروت: دار صادر، ١٣٥٤" ص١٤٥.
٢ البيهقي، نفس المصدر والصفحة.
٣ الدارمي، السنن، جـ١، باب الفتيا "دار إحياء السنة النبوية" ص٥٨.
٤ المتقي الهندي، كنز العمال، جـ٥، ص٦٦٥ نقلا عن مسند أحمد، وابن أبي شيبة.

<<  <   >  >>