بالإيمان إذا أصاب المسلمون رخاء وخيرا، ولكنهم إذا رجعوا إلى "شياطينهم" من كبار اليهود ورؤساء الكفر قالوا لهم: إنا لسنا جادين في إظهار الإيمان، وإنما نحن مستهزئون بمحمد وأصحابه١.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الحكمة من اعتبار شياطين الإنس شر من شياطين الجن -كما يقرر الحديث النبوي الذي مر ذكره؟
فالشيطان الجني مخلوق خفي لا فاعلية له إلا في بيئات الظلم، والفساد والفاحشة التي تسهل عمله على إيقاع البشر في المعاصي، تماما كما لا تعمل الجراثيم، والفايروسات إلا في بيئات التلوث والقذارة التي تيسر لها التكاثر والفتك بالأصحاء. لذلك لا سلطان للشيطان في بيئات الإيمان بالله، وتطبيقاته النظيفة، وإنما سلطانه حين "يتولاه" المنشطنون من البشر و"يشركون" به و"يؤمنون" بالضلال الذي يريده، و"يهاجرون" إلى تطبيقات هذا الضلال، و"يجاهدون" لتلويث البيئة العامة بهذه الفواحش، و"يؤون" روادها ويسبغون عليهم المال والجاه والمكانة الوظيفية، ويجتهدون في "نصرتها" وحراستها.
لذلك تبدو خطورة المكر الذي تمارسه الأنظمة السياسية التي تفصل بين الدين، والحياة وتجعل الدين قضية فردية، ثم "تتولى" شياطين الفن والثقافة، والتعليم والإعلام والاقتصاد والإدارة بالإيواء والنصرة، وتطلق لهم الحرية كاملة ليلوثوا البيئة العامة بالإلحاد والفاحشة، والترف والاحتكار والظلم والمحسوبية، وغلاء الأسعار الأمر الذي يجعل اجتناب المعاصي أمرا صعبا للغاية عند غالبية الذين يعيشون في هذه البيئة مهما انتشرت الخطابة