ويتكرر الحديث في القرآن عن هؤلاء "المعرضين" الذين لا يرون فيما حولهم من أحداث اجتماعية، وظواهر كونية -آيات الله- الدالة على قدرته؛ لأن الإنسان الذي ينحصر ولاؤه وتفكيره في دائرة القبيلة، ونظائرها لا يمكن أن يرقى إلى شهود قوانين الكون وسنن الحياة.
٢- تحل الثقافة القبلية محل العلم والقانون والنظام، ويضيق مدلول المصطلحات لتستمد محتوياتها من دائرة العصبية القبلية ونظائرها، وتشيع -معرفة اللغو والتسلية- فتحل الأمثال والأشعار، والمقولات والأعراف القبلية والطائفية محل -أفكار الرسالة- ومعطيات العلم والمعرفة، ويسود العجز والكسل عن ابتكار الجديد، ويحل محله اجترار سير الآباء والفخر بتراث الأجداد. وإلى هذا يشير قوله تعالى:
٣- يدب الضعف في "اللغة القومية" ويزداد الجهل بـ"لغة الرسالة" فتنتعش اللهجات العامية داخل القومية الواحدة، وتتمزق الثقافات القومية إلى ثقافات قبلية أو عشائرية أو طائفية؛ لأن اللغات واللهجات والثقافات تتعدد بتعدد محاور الولاء الجديدة.
ب- مضاعفات المرض على القدرات العقلية، والإرادة العازمة والقدرة التسخيرية:
الولاء القبلي سرطان قاتل للقدرات العقلية؛ لأنه ينحسر بها إلى قدرة "الحفظ" دون سواها. إذ المحور في القيم القبلية أن يتلقى الفرد مقولات قبيلته دون تفكير، ثم يندفع لتنفيذها بحمية وحماس. وهذا ما عبر عنه الشاعر الجاهلي دريد بن الصمة بقوله:
فهل أنا إلا من غزية إن غوت ... غويت وإن ترشد غزية أرشد