للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويتحدد مفهوم "الولاية" في الأنانية الفردية، وتقديمها على أي شيء آخر.

وبلوغ الأمة -هذا الطور- معناه تمزق شبكة العلاقات الاجتماعية، وتعطل الفاعلية الاجتماعية لعناصر الإيمان، والهجرة، والجهاد والرسالة، والإيواء، والنصرة، والولاية، وأبرز مظاهر هذا التعطل هو انفجار الأسرة آخر الوحدات الاجتماعية في الأمة، وانصراف كل عضو فيها لشئونه الخاصة دون سواه. وبروز مرض "الإنسان السرطاني" الذي يتضخم على حساب الأفراد المحيطين به، ويتعامل معهم بالكيد والتآمر للاستئثار بالمكاسب، والمنافع وفرص العمل تماما كما تتضخم الخلايا السرطانية وتدمر بعضها بعضا. وبلوغ الأمة هذه الحالة يحولها إلى أكوام من الخردة البشرية، ومعنى هذه الحالة الدخول في المرحلة الثالثة: مرحلة الوفاة!!

وأخيرا لا بد من الانتباه إلى الملاحظات التالية:

الملاحظة الأولى، إن سلسلة الانحسارات المتوالية التي تمر بها الأمة لا تتم بدرجة متفاوتة عند أفراد الأمة وجماعاتها، فقد يكون أناس على دائرة الولاء للأفكار في الوقت الذي يكون آخرون على دائرة الولاء للقوم، وتناثر الأكثرية على دوائر الولاء للقبيلة، والعائلة، والطائفة، والفردية. وفي هذه الحالة يعاني الذين يعيشون على الدوائر الواسعة من "الاغتراب" الفكري والاجتماعي، ولا يكون لهم أثر في الأحداث أو إيقاف السرطانات الاجتماعية التي تؤدي بالأمة إلى الوفاة!!

والملاحظة الثانية، ليس حتميا أن تتولى الانحسارات حتى تنتهي بالأمة إلى الوفاة، فقد تقوم حركات مراجعة و"توبة" إصلاحية ترد للأمة قسطًا من العافية أو تمنع زيادة الانحسار لمدة، أو تنقلها من المرض إلى الصحة.

والملاحظة الثالثة، يمكن المحافظة على عافية الأمة، وصحتها إذا كان هناك رقابة "وتوبة" دورية، وترميم لظواهر الاختلال أو مقدمات المرض.

<<  <   >  >>