للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإنس لو كنا نعلم وفاته ما لبثنا زمنا طويلا في عذاب العمل وتنفيذ الأوامر.

وكذلك أنظمة الحكم والأمة حين تموت تبقى زمنا تتكئ على منسأتها من البوليس والجيش، والمخابرات بحيث يخيل للرازحين تحت ظلمها أنها حية قائمة حتى يبعث الله عناصر انقلابية من الداخل، أو قوة غايزة من الخارج، فتأكل المنسأة وتخر الأمة وتعلن الوفاة. وحينئذ يتبين الرازحون تحت ظلمها أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا زمنا في العذاب المهين.

والرسول -صلى الله عليه وسلم- يحدد للأمة الميتة أعراضا مجملة رئيسية يندرج تحت كل عرض تفاصيل دقيقة يستطيع أولو الألباب من خلال هذه الأعراض التحقق من وفاة الأمة، ونظام الحكم فيها فيقون الناس مضاعفات الانهيار، ويبدأون محاولات بعث الأمة من جديد. ومن الأحاديث التي تقدم مجمل هذه الأعراض ما يلي:

"إذا رأيت شحا مطاعا، وهو متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك، ودعك من أمر العامة" ١.

فالشح المطاع، والهوى المتبع، والدنيا المؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، كلها أعراض رئيسية للأمة الميتة يتفرع عن كلها منها عشرات المضاعفات والتفاصيل. وهذه الأعراض تبدو جلية واضحة في الفترة الواقعة بين حدوث الوفاة، وبين إعلانها، وإجراءات الدفن التي مر الحديث عنها:

أما تفاصيل هذه الأعراض فهي كما يلي:

١- شيوع "الشح المطاع":

والشح في اللغة معناه أشد البخل. وقيل: البخل يكون في المال، أما


١ الترمذي، السنن، جـ٨ "كتاب التفسير: تفسير سورة المائدة، ص٢٢٢، رقم ٣٠٦٠.
ومثله: سنن أبي داود، جـ٤، كتاب الملاحم.
و: سنن ابن ماجه، كتاب الفتن، جـ٢، ص١٣٣١، رقم ٤٠١٤.

<<  <   >  >>