للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشح فيكون بالمال والمعروف١. وقيل: إنه الإفراط في الحرص على الشيء٢. ولقد عرفه الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما بأنه: أن ترى ما أنفقته تلفًا٣. أي خسارة.

ولقد ورد ذكر الشح في القرآن الكريم في خمسة مواضع تتكامل جميعها لتدل على أمور ثلاثة: الأول، أن من يبتلى بالشح يتصف بعدم الإنفاق في سبيل الله، والبخل بعمل الخير والسلوك الحسن، والتردد في مساعدة الناس، والنكوص عن الجهاد والجبن أمام الأعداء، وسلاطة اللسان على الأصدقاء، والغياب عند التضحية والبذل، والحضور عند الطمع والغنيمة:

{قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا، أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا، يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا} [الأحزاب: ١٨-٢٠] .

والأمر الثاني، أن من برئ من الشح يتصف بالسخاء والبذل، وإيثار المصلحة العامة، ومساعدة الناس على الاستقرار، ومحبة القادمين الغرباء كمحبة المقيمين الأقرباء، وتيسير أمورهم:

{وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ


١ محمد خليل الخطيب، إتحاف الأنام بخطب رسول الإسلام، ص١١٥.
٢ الطبري، التفسير، جـ٥، ص٣٢٠ "تفسير آية ١٢٨ من سورة النساء".
٣ محمد خليل الخطيب، إتحاف الأنام بخطب رسول الإسلام، ص١٨٩.

<<  <   >  >>