للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلامية المستبدلة أمام جيوش الحلفاء في الحرب العالمية الأولى، وإلغاء الخلافة على يد أتاتورك لم يكن إلا إعلانا للوفاة التي نزلت بالعثمانين قبل الحرب بسنين طويلة، وأن المسلمين أنفسهم كانوا يضيقون بنتن الخلافة المتوفاة، ويعبرون عن هذا الضيق من خلال أمثال جمال الدين الأفغاني، وعبد الرحمن الكواكبي، ومحمد عبده، ومحمد رشيد رضا، وغيرهم ممن كرسوا جهودهم لبعث الأمة المتوفاة من جديد.

ويلاحظ أن عمليات "التقطيع" أو التمزيق، والتقسيم التي نزلت بجثة الخلافة العثمانية المتوفاة، وعمليات "الابتلاء والاختبار بالحسنات والسيئات" أو التجارب السارة، والضارة التي مرت بها هذه القطع والتقسيمات لم تضع المؤسسات التربوية في العالم العربي، والإسلامي على الطريق الصحيح لإعادة "إنشاء" الأمة الإسلامية من جديد.

فهي -حتى الآن- لم تحسن النظر في "آيات الكتاب" و"آيات الآفاق والأنفس" لبلورة "الحكمة" القادرة على "فقه الرجوع" الذي يشترطه الله سبحانه لإعادة إخراج الأمة الإسلامية، ولبلورة "مفهوم" الأمة الإسلامية، وبلورة المضامين المعاصرة لعناصر الأمة: عناصر الإيمان، والهجرة، والجهاد والرسالة، والإيواء والنصرة، والولاية، ولتشخيص الحاجات، وتحديد التحديثات وتبيان الاستراتيجيات اللازمة لإعادة بناء الأمة الإسلامية من جديد١.


١ ما زال مفهوم -السياسة- في المجتمعات الإسلامية المعاصرة يستمد "محتواه" من -لغو- المجالس واللقاءات العابرة، و"يشتغل" به كل قادر على اللغو من الخاصة والعامة سواء، وما زالت "مصادرة" هي الصحف والإذاعات والإعلام المعادي الذي يعمل لقولبة التفكير، وتضليله بدل إعطاء الحقائق وتنوير الأفهام.
أما "الحكمة السياسية" -أو العلوم السياسية الإسلامة- التي تستمد "محتوياتها" من البحث الراسخ المحيط في قوانين الاجتماع وروافع القوة، وتعتمد في "مصادرها" على النفاذ إلى "مراكز البحوث" المختصة و"مراكز صنع القرار وتنفيذه وتقويمه" وبواسطة "المختصين" الذين يستنبطونه منهم فهذه علوم ما زالت غائبة منسية.

<<  <   >  >>