للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهي لم تفرز -بعد- القادرين على -الجدال الأحسن- والمراجعة الجزئية والتحليل، الصريح للأسباب، والعومل الداخلية التي عملت عملها طويلا وأدت إلى وفاة الأمة الإسلامية. فهي ما زالت بعيدة عن القاعدة التي يوجه إليها قوله تعالى:

{رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: ٢٣] .

لم تقم المؤسسات التربوية الإسلامية -بعد- بشيء من هذا، وإنما اقتصرت -وما زالت تقتصر- على الوعظ والبيان الساحر لمقاومة جيوش الاحتلال التي جذبتها روائح الأمة الميتة، واكتفت بإلقاء اللوم كله على الاستعمار، والصهيونية في الوقت الذي استمرت مناهجها، وتطبيقاتها التربوية تحتضن آداب العصبية، وتاريخ العصبيات الإقليمية والقبلية والعرقية، وفقه العصبيات

المذهبية، وقيم العصبيات وثقافاتها، وفنونها التي أفرزت عوامل "القابلية للاستعمار"، ومسببات مرض الأمة ووفاتها.

كذلك اقتصرت المؤسسات التربوية الإسلامية، والجماعات الموازية لها في الرجوع إلى الإسلام على "الأشكال" بدل "الأعمال"، واشتغلت بالمضاعفات بدل الأمراض الأساسية، ورضيت بالعناوين والشعارات بدل تفاصيل العلم، والإنجازات ولذلك ما زالت عوامل التحلل تعمل عملها في "قطع" الأقاليم والدويلات، و"مزق" الأقليات المتناثرة في قارات الأرض كلها، وما زالت شئونها وقضاياها، ومشكلاتها "قصعة" للطامعين و"أحاديث للناس" ومادة للصحابة والإعلام في العالم كله دون أن يكون لها دور مستقل راسخ في تشخيص المشكلات وتقرير المعالجات.

وإذا لم تقم المؤسسات التربوية، والفكرية بدور محيط راسخ لتشخيص عوامل الضعف الناخرة في "قطع" الأمة "ومزقها"، وإذا لم تعرف هذه المؤسسات العوامل المحركة لزمانها، وتشهد أحداثه وتعي متطلبات "الرجوع

<<  <   >  >>