للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرذيلة، وما إلى ذلك. والقيم -هنا- تشمل ميادين الحياة كلها. أي هناك قيم فكرية، وقيم سياسية، وقيم اجتماعية، وقيم اقتصادية، وقيم أخلاقية، وقيم جمالية، وقيم علمية، وقيم عسكرية وهكذا. من أمثلة القيم الإيجابية: الحرية، وتكافؤ الفرص، والوحدة، والشورى، والعدل، واحترام الإنسان، وعدالة توزيع الثروة، والنظام، واحترام العمل الجماعي، وسيادة القانون، وموالاة الحق، ومحاربة الظلم وغير ذلك.

والأصل أن "القيم" هي جوهر الدين ومراد الرسالة والجهاد؛ لأن التزام الإيجابية منها يحقق السعادة في الحياة والآخرة، وتجنب السلبية يقي العوالم كلها شرور الحياة ومفاسدها. أما "الحدود" فهي لحراسة "القيم" من أن يعتدى عليها أو يقصر الناس في اتباعها.

و"إقامة الحدود" مشروطة بـ"تطبيق القيم"، فإذا تسرب الخلل إلى هذا التطبيق يوقف الحد الحارس حتى يتم إصلاح الخلل المذكور. وهذا مما فهمه الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين أوقف حد السرقة في عام المجاعة.

ولكن "فقهاء السلاطين" ومشايخ السلطة، ومؤسسات التربية التقليدية -أفرغوا مصطلح الشريعة من -القيم الإسلامية- خاصة القيم السياسية والاقتصادية، ثم أبقوا على "الحدود" وحدها لتحرس "قيم العصبيات" اللاإسلامية التي تحمي الظالم، وتعاقب المظلوم حتى رسخ في عقول أجيال المسلمين أن الشريعة تقتصر على تطبيق "الحدود" دون اعتبار لـ"القيم" التي تحرسها هذه الحدود، وتجلد الناس أو تقطع أيديهم من أجلها. وبذلك صار "الخاطئ الكبير" يجلد "الجانحين الصغار" الذين تزل أقدامهم في مزالق ظلم الخاطئ المذكور وفساده، وصارت "يد" السارق الكبير الذي يجب أن يقام عليه الحد تقطع "يد" السارق الصغير الجائع الذي يجب أن يرفع عنه الحد.

<<  <   >  >>