فالناس جميعا -إلا من رحم ربك- مبتلون -أي ممتحنون- فيما آتاهم الله من القدرات والاستعدادات المتباينة المختلفة، ومطلوب منهم أن يتسابقوا في استعمالها من أجل توفير الخيرات للخلق كلهم -لا للأغراض الفردية والأنانيات الشهوانية- وإن إلى الله مرجعهم وهو سينبؤهم فيما اختلفوا فيه حول استعمال هذه القدرات، وأي الاستعمالات كانت استعمالات خيرة، وأيها كانت استعمالات شريرة.
والواقع أن الفهم السليم لهذا التنوع والاختلاف في الأجناس، والثقافات وفي القدرات والاستعدادات منافعه ومزاياه: إذ من خلاله يستطيع الناس أن يتعرفوا على ما لدى بعضهم بعضا من خصائص ثقافية وحضارية، وأن يفهموا تاريخهم الماضي ويقدروا إنجازاتهم في الحاضر. ومن خلاله تصبح الحياة غنية جميلة متجددة الخبرات، متنوعة العطاء والمسرات، فلا تكون -دائما- نمطا واحدا رتيبا يقابله الإنسان في كل وقت، ويطالعه أينما توجه في أرجاء الأرض كلها.
ومن خلال هذا التنوع والاختلاف تثرى المعرفة الإنسانية والعلوم، والإنجازات وتزداد عملية تبادل العطاء الحضاري، والإنتاج المادي والمعنوي، وتتوفر المساواة والرضى النفسي فلا ينقسم البشر إلى قسمين: يد عليا تعطي، ويد سفلى تتلقى، وإنما يكون العطاء متبادلا كل يشبع حاجته النفسية في الإنتاج وتحقيق الذات، ويشبع حاجة الإنسان المقابل الذي يعايشه في المحبة والاحترام، وبذلك يصبح الإنسان بين حالتين: يعطي ويأخذ، فيشكر ويشكر، ويحب ويحب، فتتوثق روابط الأخوة وترسخ دعائم الوحدة الإنسانية.
ولكن لا بد من ملاحظة أمر هام وهو أن التواصل والتوادد المشار