للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليهما لا يتمان إلا إذا قام الناس كلهم بأدوارهم في الإنتاج، ووازنوا بين العطاء والأخذ وتوظيف القدرات والاستعدادات. وبدون ذلك يضطرب توازن العلاقات بين البشر، فالذين يعطون ولا يأخذون يصابون بالتخمة والتعالي، والذين يأخذون ولا يعطون يضر بهم الحرمان والضعة. وبذلك ينقلب التنوع والاختلاف عن هدفهما، وتنقسم البشرية إلى نوعين من المجموعات: مجموعة متقدمة متحضرة تنتج تعطي وتمارس دور اليد العليا، ومجموعات متخلفة تأخذ، وتستهلك وتمارس دور اليد السفلى، ولذلك مضاعفات السلبية التي تلحق الأذى بالاجتماع البشري، وتحدث الاضطراب فيه.

ويروي القرآن أن المجتمع البشري عاش طورًا سابقا تسوده الوحدة، ولكن خلال مراحل التطور الثقافي والاجتماعي اختلفت المستويات في الفهم والتطبيق، فكان من ثمرات ذلك خروج البعض عن المنهج الصحيح وإفراز مضاعفات الحسد، والبغي والكسل والتقاعس عن أداء الأدوار وينتج عن ذلك كله الانقسام إلى جماعات متباينة العقائد والقيم والثقافات، ومختلفة المنازل والمكانة.

{وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [يونس: ١٩] .

{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: ٢١٣] .

والإشارات القرآنية المتعلقة بهذا التطور، وما نتج عنه من تنوع واختلاف تحمل توجيها مؤكدا ليقوم الإنسان بالبحث العلمي في تاريخ المجتمعات الإنسانية للوقوف على تفاصيل هذا التطور وآثاره الإيجابية

<<  <   >  >>