السماء والأرض لا يبطل من الناموس حرف واحد، ومن أراد نقض شيء من هذه الفرائض لإصغاء وتعليم الناس؛ فإنه يدعى ناقصًا في ملكوت السماء».
فكيف لم تنكروا قول المسيح إني لم آت لنقض ولا تغيير شيء، ثم نقض وغَيَّر.
وإن اعتَّلُّوا في تركهم اتباعه بتجريده السيف، وقتله كل من خالفه، وبأن المسيح بُعث بالرحمة، وقال:«من لطمك على خدك الأيمن فأمكنه من الآخر، ومن خاصمك ليأخذ جبتك فاترك له رداءك، ومن سخرك ميلًا فاتبعه ميلين، ومن سألك فاعطه، ومن استقرضك فلا تمنعه»، و «إن الخلق كله لله، والأمر يبعث نبيا بالرحمة كما أنه رحيم، ويبعث نبيًا بالسيف كما أنه شديد العقاب».
وقد قدَّم الله تعالى في كتبهم من ذكره ما دل على أنه بعثه بالسيف؛ من ذلك قوله في الزبور بوصفه أمته:«بأيديهم سيوف ذوات شفرتين؛ لينتقموا بها لله من الأمم الذين لم يعبدوه».
وفي مزمور آخر:«تقلد أيها الجبار السيف، فإن ناموسك وشرائعك مقرونة بهيبة سيدك، وسهامك مسنونة والأمم يخرون تحتك».
وعلى أنه لم يكن في الجهاد بدعًا من الرسل؛ فهذا إبراهيم جاهد الملوك الأربعة الذين كانوا ساروا إلى بلاد الجزيرة للغارة على أهلها، وجاهدهم حتى هزمهم بغلمانه وأحزابه من أتباعه.