وهذا القول من المسيح - عليه السلام - لا يشبه عندي ما أدعوا من قوله:«لا نبي بعدي»؛ لأن في قوله:«لا نبي بعدي» ما دل على أن كل من ادعى النبوة بعده كذاب، فما حاجته إلى أن احتفظوا من الأنبياء الكذابين. ومن قال لك بعلم منه ويقين، إنك لا ترى اليوم لصًا مستغنٍ عن أن يقول: احتفظ اليوم من اللصوص العادين.
وهذا القول من المسيح ينبغي أن يكون دليلهم؛ لأن الأعمال تدل على صدق أهلها وكذبهم، فأي أعمال رسول الله، وأي خلاله تدفعه عما ذكر المسيح؛ أنه يُوجب التصديق. ألم يكن أشرف الأشراف، وأحلم الحلماء، وأجود الأجواد، وأنجد الأنجاد، وأزهد الزهاد، ألم يكن يرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويتوسد يده، ويمهن أهله، ويأكل