قالوا: نعم، فخرج عليهم عبد الله بن سلام، فشهد بالحق واحتج له، فلما سمعوا ذلك، قالوا: خَرف الشيخ.
ويقال: إياه عنى الله تعالى بقوله: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ}[الرعد: ٤٣]، وليس احتجاجنا على المكذبين بالرسل بما في كتب الله، لأنا رأيناهم يؤمنون بها، ومن لم يؤمن بالرسول المبلغ للكتاب؛ لم يؤمن بالكتاب، ولكنا رأينا الحجة تلزمهم فيها، بإخبار موسى عن عيسى، وإخبار عيسى عن محمد، وهو المُخْبِرُ والْمُخْبَر عنه قرون كثيرة وأحقاب، وهذا لا يجوز إلا عند من آمن بالرسل؛ لإخبارها عن الله بذلك. فإن ادعوا أن الكتب التي في أيدي أهل الكتاب مصنوعة؛ صنعها كبراؤهم؛ ليقودوا لأنفسهم أهل الرئاسة، ويستدعوا من العوام الانقياد والطاعة، وأن ما فيها من ذكر نبي لنبي فريد، وأنه لا إبراهيم ولا داود ولا موسى ولا عيسى، خرجوا بهذا القول عن كل فطرة، وأبطلوا به كل معرفة، إلا ما لحقته العيون، وكفى بذلك جهلًا وحيرة!