للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِذَا قِيلَ: إنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ كَمَا يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا والمروة؟

قَالَ: إنَّ فِعْلَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ حَرَامٌ مُنْكَرٌ.

لِهَذَا مَن حَضَرَ السَّمَاعَ لِلَّعِبِ وَاللَّهْوِ لَا يَعُدُّهُ مِن صَالِحِ عَمَلِهِ وَلَا يَرْجُو بِهِ الثَّوَابَ.

وَأَمَّا مَن فَعَلَهُ عَلَى أَنَّهُ طَرِيق إلَى اللهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ يَتَّخِذُهُ دِينًا، وَإِذَا نَهَى عَنْهُ كَانَ كَمَن نَهَى عَن دِينِهِ.

فَالسُّؤَالُ عَن مِثْل هَذَا أَنْ يُقَالَ: هَل مَا يَفْعَلُهُ هَؤُلَاءِ طَرِيقٌ وَقُرْبَةٌ وَطَاعَةٌ للهِ تَعَالَى يُحِبُّهَا اللهُ وَرَسُولُة أَمْ لَا؟ وَهَل يُثَابُونَ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؟

وَإِذَا لَمْ يَكُن هَذَا قُرْبَةً وَطَاعَةً وَعِبَادَةً للهِ، فَفَعَلُوهُ عَلَى أَنَّهُ قُرْبَةٌ وَطَاعَةٌ وَعِبَادَةٌ لا وَطَرِيقٌ إلَى اللهِ تَعَالَى، هَل يَحِلُّ لَهُم هَذَا الِاعْتِقَادُ؟ وَهَذَا الْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؟ (١).

وَإِذَا كَانَ السُّؤَالُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَمْ يَكُن لِلْعَالِمِ الْمُتَّبعِ لِلرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَقُولَ: إنَّ هَذَا مِن الْقُرَبِ وَالطَّاعَاتِ وَأَنَّهُ مِن أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ، وَأَنَّهُ مِن سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى وَطَرِيقِهِ الَّذِي يَدْعُو بِهِ هَؤُلَاءِ إلَيْهِ، وَلَا أَنَّهُ مِمَّا أَمَرَ اللهُ تَعَالَى بِهِ عِبَادَهُ، لَا أَمْرَ إيجَابٍ وَلَا أَمْرَ اسْتِحْبَابٍ.

وَمَا لَمْ يَكُن مِن الْوَاجِبَاتِ والمستحبات فَلَيْسَ هُوَ مَحْمُودًا وَلَا حَسَنَةً وَلَا طَاعَةً وَلَا عِبَادَةً بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.


(١) هذا الوجه الأول، ولم يذكر الوجه الثاني، وهو إِذَا لَمْ يَكُن هَذَا قُرْبَةً وَطَاعَةً وَعِبَادَةً لِلَّهِ، ولم يفعَلُوهُ عَلَى أَنَّهُ قُرْبَةٌ وَطَاعَةٌ، بل وسيلةً محضةً مُباحةً لكسب قلوبهم، ولم يشتمل على محرم: فالذي يظهر أننا لا نقول بالتحريم إلا على القول بتحريم الدف للرجال.
ومثل هذه المسألة: من يدعو العصاة بالأساليب المباحة، كالأناشيد الإسلامية، والمسرحيات المباحة، فإننا لا نقول بأنه قد خالف عمل الصحابة بدعوة الناس بالكتاب والسُّنَّة، ونحن لا نشك بأن ذلك هو السبيل الأمثل، والطريق الأقوم، لكن لا يعني أنّ وسائل الدعوة المباحة توقيفيّة. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>