للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ذمُّ الخوارج وذكر أوصافهم وبدعهم) (١)

٧٧٥ - اللهُ تَعَالَى مَا أَمَرَ عِبَادَهُ بِأَمْر إلَّا اعْتَرَضَ الشَّيْطَانُ فِيهِ بِأَمْرَيْنِ لَا يُبَالِي بِأَيِّهِمَا ظَفِرَ:


(١) الخوارج: هم كلُّ مَن خرج على الإمام المسلم، وعلى الجماعة المسلمة بالسيف، للدعاء إلى معتقده، وكان خروجه نابعًا، مِن مُخالفة الأصولِ الشرعيَّة.
فأما من خرج على الحاكم لأغراضٍ دُنيويَّة، فيُسمَّى قاطعَ طريق.
ومن خرج يدعو إلى مُعتقده، ولم يكن خروجُه نابعًا من مخالفةِ الأصولِ الشرعيَّة، فيُسمَّى باغيًا، كالذين خرجوا على عليٍّ - رضي الله عنه -، ومنهم صحابة وخيارُ التابعين.
ولقد جاء وصفُ الخوارج في الأحاديث وصفًا دقيقًا، في أخلاقهم وطِباعِهِم، وأشكالِهِم وأفعالِهم.
أما أخلاقُهم وطبائعُهُم:
١ - جُرأتُهم واحْتقارُهم لمن يُخالفهم، واتهامُهم وطعنُهم للأئمة والعلماء والصالحين.
٢ - الخشونةُ وشدَّةُ الغضب والجفاء، فهم لا يتعاملون مع الناس والْمُخالفين لهم إلا بالحدَّة والقسوة، ويستبيحون دماء المسلمين على أتفه الأسباب.
٣ - أنهم يفتقدون للحكمة والرَّوية، فهم لا ينظرون إلى العواقب، ولا يهتمون بالمصالح العامّة، ومحبتُهم للفرقة تغلبُ محبتَهم للوحدة، واستماتتُهم في تقديم آرائهم والدفاعِ عنها، والقتالِ في سبيلها أمرٌ ظاهرٌ لكلِّ من عرف حالهم؛ لأنهم يرون ذلك هو ما أمر الله به، وَيعُدُّونَهُ مِنَ الولاء للمؤمنين، والبراءةِ من المشركين والكافرين.
ففد خرجوا على خيار الصحابة -رضي الله عنهم-، وقتلوا أمير المؤمنين عليَّ بن أبي طالبٍ -رضي الله عنه-.
٤ - أنهم أَحْدَاثُ الأسْنَانِ؛ أي: أنهم صغار السنّ، ليسوا كالكبار في رجاحة العقل، ومعرفةِ الأمور، بل هم أقرب إلى الطيش والعجلة، والحماس المذموم.
٥ - سُفَهَاءُ الأحْلَام؛ أيْ: أنَّ عقولَهم رديئةٌ ضعيفة، لا يملكون رجاحةً في الفهم والعقل، قد جانبوا الرشد واَلصواب والطريقة المرضية.
٦ - يَقُولُونَ مِن قَوْلِ خَيْرِ البَرِيَّةِ؛ أيْ: أنهم يتلون القرآن والسُّنَّة، ويحتجون بما جاء فيهما ممَّا يُوافق أهواءهم، لكنهم كما قال عبد الله بنُ عمر - رضي الله عنهما -: (إنهم- أي: الخوارج - انطلقوا إلى آياتٍ نزلت في الكفار، فجعلوها على المؤمنين) ولهذا كان - رضي الله عنه - يراهم شرارَ خلق الله.
فقلوبهم لم تعِ القرآن ولم تفقهه بعد، بل يستدلُّون بالآيات والأحاديث، وهم أجهل الناس بالْمُراد منها، ويلتمسون المعنى الذي يطلبونه ولو كان بعيدًا، ويرغبون عن المعنى الصحيح ولو كان قريبًا.
ولذلك هم عن أجهل الناس في مقاصدِ الشريعةِ، يأخذون بظواهر النصوص، ولا يلتفتون إلى مَن خالفهم ولو كان أعلمَ الناسِ.
٧ - كثرةُ وشدَّةُ عبادتهم، بل إنَّ الصحابة - رضي الله عنهم - على ما هم عليه من العبادة العظيمة، والطاعةِ الْمُستديمة - يَحْقِرُ أَحَدُهم صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>