ذِكْرِ اللهِ وَرَسُولِهِ بِالْخَيْرِ، وَعَن ذِكْرِ مَا يُوجِبُ الْمَحَبَّةَ، فَيَضْعُفُ عِلْمُهُ بِهِ حَتَّى قَد يَنْسَاهُ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} [الحشر: ١٩]، وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: ٢٨].
وَقَد يَحْصُلُ مَعَ ذَلِكَ تَصْدِيقٌ وَعِلْمٌ مَعَ بُغْضٍ وَمُعَادَاةٍ، لَكنْ تَصْدِيقٌ ضَعِيفٌ وَعِلْمٌ ضَعِيف، وَلَكِنْ لَوْلَا الْبُغْضُ وَالْمُعَادَاةُ لَأَوْجَبَ ذَلِكَ مِن مَحَبَّةِ اللهِ وَرَسُولِهِ مَا يَصِيرُ بِهِ مُؤْمِنًا.
فَمِن شَرْطِ الْإِيمَانِ (١): وُجُودُ الْعِلْمِ التَّامِّ؛ وَلهَذَا كَانَ الصَّوَابُ أَنَّ الْجَهْلَ بِبَعْضِ أَسْمَاءِ اللهِ وَصِفَاتِهِ لَا يَكُونُ صَاحِبُهُ كَافِرًا إذَا كَانَ مُقِرًّا بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم-، وَلَمْ يَبْلُغْهُ مَا يُوجِبُ الْعِلْمَ بِمَا جَهِلَهُ عَلَى وَجْهٍ يَقْتَضِي كُفْرهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْهُ؛ كَحَدِيثِ الَّذِي أَمَرَ أَهْلَهُ بِتَحْرِيقِهِ ثُمَّ تَذْرِيتَهِ.
بَل الْعُلَمَاءُ بِاللهِ يَتَفَاضَلُونَ فِي الْعِلْمِ بِهِ. [٧/ ٥٢٦ - ٥٣٨]
* * *
(اللَّذَّة حَالٌ يَعْقُبُ إدْرَاكَ الْمُلائِمِ)
٥٧١ - قَالَ كَثِيرٌ مِن النَّاسِ مِن الْفَلَاسِفَةِ وَالْأَطِبَّاءِ وَمَن اتَّبَعَهُمْ: إنَّ اللَّذَةَ إدْرَاكُ الْمُلَائِمِ.
وَهَذَا تَقْصِير مِنْهُمْ؛ بَل اللَّذَّةُ حَالٌ يَعْقُبُ إدْرَاكَ الْمُلَائِمِ؛ كَالْإِنْسَانِ الَّذِي يُحِبُّ الْحُلْوَ وَيَشْتَهِيهِ فَيُدْرِكُهُ بالذَّوْقِ وَالْأَكْلِ، فَلَيْسَت اللَّذَّة مُجَرَّدَ ذَوْقِهِ؛ بَل أَمْرٌ يَجِدُهُ مِن نَفْسِهِ يَحْصُلُ مَعَ الذَّوْقِ. [٧/ ٥٣٦]
٥٧٢ - مَن قَالَ: إنَّ اللَّذَةَ إدْرَاكُ الملائم كَمَا يَقُولُهُ مَن يَقُولُهُ مِن الْمُتَفَلْسِفَةِ
(١) أي: الإيمان الكامل، وأما الْعِلْم الناقص فليس صاحبه مؤمنًا إيمانًا تامًّا؛ بل هو مسلم لا مؤمن.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute