- وَإِمَّا أَنْ يَجِبَ بِسَبَبِ حَقٍّ لِلْآدَمِيِّينَ يَخْتَصُّ بِهِ مَن وَجَبَ لَهُ وَعَلَيْهِ، وَقَد يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ.
وَتَجِبُ عَلَى شَخْصٍ دُونَ شَخْصٍ، فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ، لَمْ تَجِبْ عِبَادَةً مَحْضَةً للهِ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ قَادِرٍ؛ وَلهَذَا يَشْتَرِكُ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، بِخِلَافِ الْخَمْسَةِ فَإِنَّهَا مِن خَصَائِصِ الْمُسْلِمِينَ.
وَكَذَلِكَ مَا يَجِبُ مِن صِلَةِ الْأَرْحَامِ، وَحُقُوقِ الزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ، وَالْجِيرَانِ، وَالشُّرَكَاءِ، وَالْفُقَرَاءِ، وَمَا يَجِبُ مِن أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَالْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ وَالْإِمَارَةِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَن الْمُنْكَرِ وَالْجِهَادِ: كُلُّ ذَلِكَ يَجِبُ بِأَسْبَاب عَارِضَةٍ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ دُونَ بَعْضٍ؛ لِجَلْبِ مَنَافِعَ وَدَفْعِ مَضَارَّ، لَو حَصَلَتْ بِدُونِ فِعْلِ الْإِنْسَانِ لَمْ تَجِبْ، فَمَا كَانَ مُشْتَرِكًا فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، وَمَا كَانَ مُخْتَصًّا فَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى زيدٍ دُونَ عَمْرٍو، لَا يَشْتَرِكُ النَّاسُ فِي وُجُوبِ عَمَلٍ بِعَيْنِهِ عَلَى كُل أَحَدٍ قَادِرٍ سِوَى الْخَمْسِ؛ فَإِنَّ زَوْجَةَ زيدٍ وَأَقَارِبه لَيْسَتْ زَوْجَةَ عَمْرٍو وَأَقَارِبه، فَلَيْسَ الْوَاجِبُ عَلَى هَذَا مِثْل الْوَاجِبِ عَلَى هَذَا، بِخِلَافِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَحَجِّ الْبَيْتِ وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالزَّكَاةِ؛ فَإِنَّ الزَّكَاةَ وَإِن كَانَت حَقًّا مَالِيًّا فَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ للهِ؛ وَلهَذَا وَجَبَتْ فِيهَا النِّيَّةُ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَفْعَلَهَا الْغَيْرُ عَنْهُ بِلَا إذْنِهِ، وَلَمْ تُطْلَبْ مِن الْكُفَّارِ. [٧/ ٣١٤ - ٣١٥]
وَحُقُوقُ الْعِبَادِ لَا يُشْتَرَطُ لَهَا النِّيَّةُ، وَلَو أَدَّاهَا غَيْرُهُ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ، وَيُطَالَبُ بِهَا الْكُفَّارُ.
* * *
(معنى قول الفقهاء: لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ)
٥٥٠ - يُقَالُ: لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ؛ أَيْ: لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ يَجِبُ بِسَبَبِ الْمَالِ سِوَى الزَّكَاةِ، وَإِلَّا فَفِيهِ وَاجِبَاتٌ بِغَيْرِ سَبَب الْمَالِ؛ كَمَا تَجِبُ النَّفَقَاتُ لِلْأَقَارِبِ، وَالزَّوْجَةِ، وَالرَّقِيقِ، وَالْبَهَائِمِ. [٧/ ٣١٦]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute