أ - مِنْهَا: أَنَّ أَمْرَهُ لِجَمِيع الْمُؤْمِنِينَ بِالتَّوْبَةِ فِي هَذَا السِّيَاقِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْلُو مُؤْمِنٌ مِن بَعْضِ هَذِهِ الذُّنُوبِ الَّتِي هِيَ: تَرْكُ غَضِّ الْبَصَرِ وَحِفْظِ الْفَرْجِ وَتَرْكُ إبْدَاءِ الزّينَةِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ فَمُسْتَقِلٌّ وَمُسْتَكْثِرٌ.
ب- وَمِنْهَا: أنَّ أَهْلَ الْفَوَاحِشِ الَّذِينَ لَمْ يَغضُّوا أَبْصَارَهُم وَلَمْ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُم مَأمُورُونَ بِالتَّوْبَةِ، وَإِنَّمَا أُمِرُوا بِهَا لِتُقْبَلَ مِنْهُمْ، فَالتَّوْبَةُ مَقْبُولَةٌ مِنْهُم وَمِن سَائِرِ الْمُذْنِبِينَ [١٥/ ٣٦٩ - ٤٠٤]
* * *
[سورة الفرقان]
١٥٣٨ - قال تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُم} [الفرقان: ٧٧]. قِيلَ: لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ إيَّاهُ وَقِيلَ: لَوْلَا دُعَاؤُهُ إيَّاكُمْ. فَإِنَّ الْمَصْدَرَ يُضَافُ إلَى الْفَاعِلِ تَارَةً وإِلَى الْمَفْعُولِ تَارَةً، وَلَكِنَّ إضَافَتَهُ إلَى الْفَاعِلِ أَقْوَى؛ لِأَنهُ لَا بُدَّ لَهُ مِن فَاعِل، فَلِهَذَا كَانَ هَذَا أَقْوَى الْقَوْلَيْنِ؛ أَيْ: مَا يَعْبَأُ بِكُمْ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَدْعُونَهُ فَتَعْبُدُونَهُ وَتَسْأَلُونَهُ: {فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} [الفرقان: ٧٧]؛ أَيْ: عَذَابٌ لَازِم لِلْمُكَذِّبِينَ. [١٠/ ٢٣٨]
١٥٣٩ - قَوْلُهُ تعالى: {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: ٦٢]، فَإِنَّ الشَّاكِرَ قَد يَشْكُر اللهَ عَلَى نِعَمِهِ وإن لَمْ يَخَفْ، وَالتَّذَكّرُ قَد يَقْتَضِي الْخَشْيَةَ.
وَأَيْضًا فَالتَّذَكُّرُ قَد يَكُونُ لِفِعْلِ الْوَاجِبَاتِ الَّتِي يَدْفَعُ بِهَا الْعِقَابَ، وَالشَّكُورُ يَكُونُ لِلْمَزِيدِ مِن فَضْلِهِ.
وَقَد جَعَلَ اللهُ {اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ} فَيَتُوبَ، ويسْتَغْفِرَ مِن ذُنُوبِهِ، {أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} لِرَبِّهِ عَلَى نِعَمِهِ، وَكُلُّ مَا يَفْعَلُهُ اللهُ بِالْعَبْدِ مِن نِعْمَةٍ وَكُلُّ ما يُخْلِفُهُ الله فَهُوَ نِعْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ، فَكُلَّمَا نَظَرَ إلَى مَا فَعَلَهُ ربهُ شَكَرَ، وَإِذَا نَظَرَ إلَى نَفْسِهِ اسْتَغْفَرَ.
وَالتَّذَكُّرُ: اسْمٌ جَامِعٌ لِكُل مَا أَمَرَ اللهُ بِتَذَكُّرِهِ. [١٦/ ١٨٦ - ١٨٨]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute