(اللَّفْظَ الَّذِي يَحْتَمِل الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ إِذَا قُصِدَ بِهِ الطَّلَاقُ فَهُوَ طَلَاقٌ، وَإن قُصِدَ بِهِ غَيْرُ الطَّلَاقِ لَمْ يَكن طَلَاقًا)
٤٦٧٨ - السَّلَفُ مِن الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُم بإِحْسَان، وَجَمَاهِيرُ الْخَلَفِ مِن أَتْبَاع الْأئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ: مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ اللَّفظَ الَّذِي يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ إذَا قصِدَ بِهِ الطَّلَاقُ فَهُوَ طَلَاقٌ، وَإِنْ قُصِدَ بِهِ غَيْرُ الطَّلَاقِ لَمْ يَكُن طَلَاقًا.
وَلَيْسَ لِلطَّلَاقِ عِنْدَهُم لَفْظ مُعَيَّن؛ فَلِهَذَا يَقُولُونَ: إِنَّهُ يَقَعُ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ.
وَلَفْظُ الصَّرِيحِ عِنْدَهُم كَلَفْظِ الطَّلَاقِ، لَو وَصَلَهُ بِمَا يُخْرِجُهُ عَن طَلَاقِ الْمَرْأَةِ لَمْ يَقَعْ بِهِ الطَّلَاقُ، كَمَا لَو قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ مِن وَثَاقِ الْحَبْسِ، أَو مِن الزَّوْجِ الَّذِي كَانَ قَبْلِي وَنَحْو ذَلِكَ. [٣٣/ ١٥٢]
* * *
(ماذا يترتب على من حَلَفَ بِالْحَرَامِ؟)
٤٦٧٩ - إذَا حَلَفَ بِالْحَرَامِ فَقَالَ: الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا، أَو الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ لَا أَفْعَلُ كَذَا، أَو مَا أَحَلَّ اللّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ إنْ فَعَلْت كَذَا، أَو مَا يَحِلُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ يَحْرُمُ عَلَيَّ إنْ فَعَلْت كَذَا، أَو نَحْو ذَلِكَ وَلَهُ زَوْجَة، فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ بَيْنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، لَكِنَّ الْقَوْلَ الرَّاجِحَ أَنَّ هَذِهِ يَمِينٌ لَا يَلْزَمُهُ بِهَا طَلَاقٌ، وَلَو قَصَدَ بِذَلِكَ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَد الْمَشْهُورُ عَنْهُ.
حَتَّى لَو قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ بِهِ الطَّلَاقُ عِنْدَهُ.
وَلَو قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَقَصَدَ بِهِ الطَّلَاقَ: فَإِنَّ هَذَا لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَفِي ذَلِكَ أَنْزَلَ اللهُ الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُم كَانُوا يَعُدُّونَ الظِّهَارَ طَلَاقًا وَالْإِيلَاءَ طَلَاقًا، فَرَفَعَ اللّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَجَعَلَ فِي الظِّهَارِ الْكَفَّارَةَ الْكُبْرَى، وَجَعَلَ الْإِيلَاءَ يَمِينًا يَتَرَبَّصُ فِيهَا الرَّجُلُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِمَّا أَنْ يُمْسِكَ بِمَعْرُوفٍ أَو يُسَرِّحَ بِإِحْسَانٍ.
وَكَذَلِكَ قَالَ كَثِيرٌ مِن السَّلَفِ وَالْخَلَفِ: إنَّهُ إذَا كَانَ مُزَوّجًا فَحَرَّمَ امْرَأَتَهُ، أَو حَرَّمَ الْحَلَالَ مُطْلَقًا: كَانَ مُظَاهِرًا وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَد.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute