وَهَكَذَا هِيَ الْمَصَاحِفُ الَّتِي بَعَثَ بِهَا عُثْمَانُ -رضي الله عنه- إلَى الْأَمْصَارِ فِي زَمَنِ التَّابِعِينَ.
ثُمَّ فَشَا "اللَّحْنُ" فَنُقِّطَت الْمَصَاحِفُ وَشُكِّلَتْ بِالنُّقَطِ الْحُمْرِ، ثُمَّ شُكِّلَتْ بِمِثْل خَطِّ الْحُرُوفِ، فَتَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي كَرَاهَةِ ذَلِكَ.
وَالصَّحِيحُ أنَّه لَا بَأْسَ بِهِ. [٣/ ٤٠١ - ٤٠٢]
* * *
(الاِقْتِصَادُ وَالِاعْتِدَالُ فِي أَمْرِ الصَّحَابَةِ والْقَرَابَةِ، والتحذير من امْتِحَانِ الْمُسْلِمِينَ بِرجل أو مسألة ونحو ذلك)
٣٣٧ - يَجِبُ الِاقْتِصَادُ وَالِاعْتِدَالُ فِي أَمْرِ الصَّحَابَةِ وَالْقَرَابَةِ -رضي الله عنهم-؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى أَثْنَى عَلَى أَصْحَابِ نَبِيِّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِن السَّابِقِينَ وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَانٍ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ رَضِيَ عَنْهُم وَرَضُوا عَنْهُ، وَذَكَرَهُم فِي آيَاتٍ مِن كِتَابِهِ.
وَقَد اتَّفَقَ عَامَّة أَهْلِ السُّنَّةِ مِن الْعُلَمَاءِ وَالْعُبَّادِ وَالْأُمَرَاءِ وَالْأجْنَادِ عَلَى أَنْ يَقُولُوا: أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ ثُمَّ عَلِيٌّ -رضي الله عنهم-.
وَكَذَلِكَ نُؤْمِنُ بِالْإِمْسَاكِ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُمْ، وَنَعْلَمُ أَنَ بَعْضَ الْمَنْقُولِ فِي ذَلِكَ كَذِبٌ.
وَهُم كَانُوا مُجْتَهِدِينَ؛ إمَّا مُصِيبِينَ لَهُم أَجْرَانِ، أَو مُثَابِينَ عَلَى عَمَلِهِم الصَّالِحِ مَغْفُورٌ لَهُم خَطَؤُهُمْ.
وَمَا كَانَ لَهُم مِن السَّيِّئَاتِ -وَقَد سَبَقَ لَهُم مِن اللهِ الْحُسْنَى- فَإِنَّ اللهَ يَغْفِرُهَا لَهُمْ؛ إمَّا بِتَوْبَة، أَو بِحَسَنَات مَاحِيَةٍ، أَو مَصَائِبَ مُكَفِّرَةٍ، أَو غَيْرِ ذَلِكَ.
وَنَعْلَمُ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ -رضي الله عنه- كَانَ أَفْضَلَ وَأَقْرَبَ إلَى الْحَقِّ مِن مُعَاوِيةَ وَمِمَن قَاتَلَهُ مَعَهُ؛ لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ (١) عَن أَبِي سَعِيدٍ الخدري -رضي الله عنه- عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِن الْمُسْلِمِينَ تَقْتُلُهُم أَدْنَى الطَّائِفَتَيْنِ إلَى الْحَقِّ".
(١) رواه البخاري (٦١٦٣)، ومسلم (١٠٦٥)، واللفظ له.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute