وَقَالَ تَعَالَى: {فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (٤٥)} [الحج: ٤٥]، وَالْخَاوِي عَلَى عُرُوشِهِ الْمَكَانُ لَا السُّكان. [١٧/ ١٧ - ٣٨]
* * *
[سورة الرعد]
١٥١٢ - قَوْله تَعَالَى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ} [الرعد: ٣٣] .. حَامَ حَوْلَ مَعْنَاهَا كَثِيرٌ مِن الْمُفَسِّرِينَ، فَمَا شَفَوْا عَلِيلًا وَلَا أَرْوَوْا غَلِيلًا، وَإِن كَانَ مَا قَالُو صَحِيحًا.
فَتَأَمُّلُ مَا قَبْلَ الْآيَةِ وَمَا بَعْدَهَا يُطْلِعُك عَلَى حَقِيقَةِ الْمَعْنَى، فَإنّهُ سُبْحَانَهُ يَقولُ: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الرعد: ٣٣] وَهَذَا اسْتِفْهَامُ تَقْرِيرٍ يَتَضَمَّنُ إقَامَةَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِم وَنَفْيَ كُلِّ مَعْبُودٍ مَعَ اللهِ الَّذِي هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ بِعِلْمِهِ وَقُدْرَتهِ وَجَزَائِهِ فِي الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
فَهُوَ رَقِيبٌ عَلَيْهَا حَافِظٌ لِأعْمَالِهَا، مُجَازِ لَهَا بِمَا كَسَبَتْ مِن خَيْرٍ وَشَرٍّ.
فَإِذَا جَعَلْتُمْ أُولَئِكَ شُرَكَاءَ فَسَمُّوهُم إذًا بِالْأَسْمَاءِ الَّتِي يُسَمَّى بِهَا الْقَائِمُ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يُسَمَّى بِالْحَيِّ الْقَيُّومِ الْمُحْيِي الْمُمِيتِ السَّمِيعِ الْبَصِيرِ الْغَنِيِ عَمَّا سِوَاهُ، وَكُل شَيءٍ فَقِيرٌ إلَيْهِ، وَوُجُود كُلِّ شَيءٍ بِهِ.
فَهَل تَسْتَحِقُّ آلِهَتُكُمْ اسْمًا مِن تِلْكَ الْأَسْمَاءِ؟
فَإِنْ كَانَت آلِهَةً حَقًّا فَسَمُّوهَا بِاسْمٍ مِن هَذِهِ الْأسْمَاءِ؛ وَذَلِكَ بن بَيِّنٌ؛ فَإِذَا انْتَفَى عَنْهَا ذَلِكَ عُلِمَ بُطْلَانُهَا كَمَا عُلِمَ بُطْلَانُ مسَمَّاهَا.
وَأَمَّا إنْ سَمَّوْهَا بِأسْمَائِهَا الصَّادِقَةِ عَلَيْهَا كَالْحِجَارَةِ وَغَيْرِهَا مِن مُسَمَّى الْجَمَادَاتِ وَأَسْمَاءِ الْحَيَوَانِ الَّتِي عَبَدُوهَا مِن دُونِ اللهِ كَالْبَقْرِ وَغَيْرِهَا، وَبِأسْمَاءِ الشَّيَاطِينِ الَّذِينَ أَشْرَكُوهُم مَعَ اللهِ جَلَّ وَعَلَا، وَبِأسْمَاءِ الْكَوَاكِبِ الْمُسَخَّرَاتِ تَحْتَ أَوَامِرَ الرَّبِّ، وَالْأَسْمَاءُ الشَّامِلَةُ لِجَمِيعِهَا أَسْمَاءُ الْمَخْلُوقَاتِ الْمُحْتَاجَاتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute