فيها مِن الطول والتشعب والردود، وكنت أمكث في أحايين كثيرة أكثر من ساعة كاملة في وريقات قليلة، لفهمها فهمًا صحيحًا، ثم تهذيبها، والتعليق عليها، والنظر في التعارض في أقوالِه أو الأقوال المنسوبة إليه.
ولكن اللذة والأنس والسعادةَ التي ذقتها أثناء قراءتي له أنستني آلام المعاناة التي عانيتُها، والصعوبات التي واجهتها.
بل والله إني كنتُ أقول كثيرًا في نفسي أثناء القراءة -وبُحْت به لبعض خاصتي- كيف سيكون حالي بعد أنْ أنتهي من هذه الفتاوى؟
فقد كنت أعيش أحسن أيامي، وأمتع أوقاتي، وألذ ساعاتي، فكيف بحالي إن انتهيت منها؟ وكيف سأصبر على مفارقة هذه اللذائذ والمتع.
وكنت أشفق على نفسي عن حالي بعد الفراق، فلم أجد صديقًا يُغنيني- بعد كتاب الله تعالى- عن كل الأصدقاء والجلساء مثله.
وكنت في سائر الكتب المطولة والمختصرة إذا بدأت القراءة أتشوق لإنهائها، وقد تفتر الهمة، وتضعف العزيمة، فآخذها بالحزم والصبر والمصابرة، إلا فتاوى شيخ الإسلام رَحِمَه الله، فإني كلما أنهيت مجلّدًا ازددت نشاطًا وأنسًا، وسعادةً وراحة، وهمتي في ازدياد عجيب، وعزيمتي تقوى، فسبحان من جعل فيما كتب ابن تيمية البركة التي لا تنضب.
وإنما أقول هذا لأنقل للقارئ المتعة التي سيجدها عند قراءته لهذا الكتاب.
[طريقتي في العمل]
١ - حافظت على كلامه ولم أتصرف فيه إلا بإشارة إلى التصرف، إلا اليسير جدًّا؛ كأن يذكر كلامًا ويقول فيه: فإنَّ .. فأقتصر على "إنَّ"، أو يقول: بأن .. ؛ فأغيرها لـ"إنَّ" وذلك حين بتر كلامه عن ما قبله.