للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الصَّلْيَ هُنَا هُوَ الصَّلْيُ الْمُطْلَقُ، وَهُوَ الْمُكْثُ فِيهَا وَالْخُلُودُ عَلَى وَجْهٍ يَصِلُ الْعَذَابُ إلَيْهِم دَائِمًا.

فَأَمَّا مَن دَخَلَ وَخَرَجَ فَإِنَّهُ نَوْعٌ مِن الصَّلْي لَيْس هُوَ الصَّلْيُ الْمُطْلَقُ، لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ قَد مَاتَ فِيهَا، وَالنَّارُ لَمْ تَأكُلْهُ كُلَّهُ، فَإِنَّهُ قَد ثَبَتَ أَنَّهَا لَا تَأكُلُ مَوَاضِعَ السُّجُودِ وَالله أَعْلَمُ. [١٦/ ١٩٦ - ١٩٧]

* * *

[سورة الغاشية]

١٥٩٩ - قَوْلُهُ: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (٢) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (٣) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (٤) تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (٥)} [الغاشية: ١ - ٥] فِيهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَعْنَى: وُجُوهٌ فِي الدُّنْيَا خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ تَصْلَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَارًا حَامِيَةً.

والْقَوْل الثانِي: أَنَّ الْمَعْنَى: أَنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَخْشَعُ؛ أَيْ: تَذِلُّ وَتَعْمَلُ وَتَنْصَبُ.

قُلْت: هَذَا هُوَ الْحَقُّ لِوُجُوهِ (١):

أَحَذهَما: أَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ: يَتَعَلَّقُ الظَّرْفُ (٢) بِمَا يَلِيهِ، أَيْ: وُجُوهٌ يَوْمَ الْغَاشِيَةِ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ صَالِيَةٌ.

وَعَلَى الْأوَّلِ: لَا يَتَعَلَّقُ إلَّا بِقَوْلِهِ: {تَصْلَى}، ويكُونُ قَوْلُهُ: {خَاشِعَةٌ} صِفَةً لِلْوُجُوهِ قَد فُصِلَ بَيْنَ الصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ بِأَجْنَبِيِّ مُتَعَلّقٍ بِصِفَةٍ أُخْرَى مُتَأَخِّرَةٍ، وَالتَّقْدِيرُ: وُجُوهٌ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ يَوْمَئِذٍ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً.

وَالتَّقْدِيمُ وَالتَّأخِيرُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ؛ فَالْأَصْلُ إقْرَارُ الْكَلَامِ عَلَى نَظْمِهِ وَتَرْتِيبِهِ لا تَغْيِيرُ تَرْتِيبِهِ.


(١) قال الشيخ في موضع آخر: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ مِن الْقَوْلَيْنِ بِلَا ريبٍ. اهـ. (٢٢/ ٥٥٨)
(٢) أي: يومئذ.

<<  <  ج: ص:  >  >>