للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَكِنْ إنْ تَابَ قَبْلَ رَفْعِهِ إلَى الْإِمَامِ سَقَطَ عَنْهُ الْقَتْلُ فِي أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ، وَإِن عُزِّرَ بَعْدَ التَّوْبَةِ كَانَ سَائِغًا. [٣٥/ ١٩٩]

* * *

[حكم من لعن التوراة؟]

٥٢٦٧ - لَيْسَ لِأَحَد أَنْ يَلْعَنَ التَّوْرَاةَ؛ بَل مَن أَطْلَقَ لَعْنَ التَّوْرَاةِ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ.

وَإِن كَانَ مِمَّن يَعْرِفُ أَنَّهَا مَنْزِلَةٌ مِن عِنْدِ اللهِ وَأَنَّهُ جبُ الْإِيمَانُ بِهَا: فَهَذَا يُقْتَلُ بِشَتْمِهِ لَهَا، وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ فِي أَظْهَرِ قَوْلَي الْعُلَمَاءِ.

وَأَمَّا إنْ لَعَنَ دِينَ الْيَهُودِ الَّذِي هُم عَلَيْهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَلَا بَأْسَ بِهِ فِي ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُم مَلْعُونُونَ هُم وَدِينُهُمْ.

وَكَذَلِكَ إنْ سَبَّ التَّوْرَاةَ الَّتِي عِنْدَهُم بِمَا يُبَيِّنُ أَنَّ قَصْدَهُ ذِكْرُ تَحْرِيفِهَا؛ مِثْلُ أَنْ يُقَالَ: نُسَخُ هَذِهِ التَّوْرَاةِ مُبَدَّلَةٌ لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِمَا فِيهَا، وَمَن عَمِلَ الْيَوْمَ بِشَرَائِعِهَا الْمُبَدَّلَةِ وَالْمَنْسُوخَةِ فَهُوَ كَافِرٌ: فَهَذَا الْكَلَامُ وَنَحْوُهُ حَقٌّ لَا شَيْءَ عَلَى قَائِلِهِ. [٣٥/ ٢٠٠]

* * *


= مُغِيثٌ، كَأنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لها: "لَو رَاجَعْتِهِ"، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ تَأْمُرُنِي؟ قَالَ؟ "إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ" قَالَتْ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ.
فهذا فيه أنه لا يجب قبول شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- ووساطته.
قال شيخ الإسلام رَحِمَهُ اللهُ: وَإِنَّمَا قَالَتْ: "أَتَأْمُرُنِي؟ " وَقَالَ: "إِنَّمَا أَنَا شَافِعٌ"، لِمَا اسْتَقَرَّ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ أَن طَاعَةَ أَمْرِهِ وَاجِبَةٌ بِخِلَافِ شَفَاعَتِهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ قَبُولُ شَفَاعَتِهِ؛ وَلهَذَا لَمْ يَلُمْهَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى تَرْكِ قَبُولِ شَفَاعَتِهِ، فَشَفَاعَةُ غَيْرِهِ مِن الْخَلْقِ أَوْلَى أَنْ لَا يَجِبَ قَبُولُهَا. اهـ. (١/ ٣١٧)
فقد يكون هذا الرجل إنما قصد أن قبول الشفاعة لا تجب، وأراد أنه من شدة امتناعه من قبول الواسطهَ لن يقبل بشفاعة النبي كما لم تقبلها بريرة.
فيحتمل أنه لا يُقتل من قال مثل ذلك، لكن يُؤدب لسوء أدبه مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، لكنَّ سوءَ أدبه لم يصل إلى حدِّ الاستهزاء والتنقص الموجبين للقتل. والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>