للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[المباحات]

١١٧١ - وَكَذَلِكَ مُبَاحَاتُ نَفْسِهِ الْمَحْضَةُ الَّتِي لَمْ يَقْصِد الاِسْتِعَانَةَ بِهَا عَلَى طَاعَةٍ وَلَا مَعْصِيَةٍ، مَعَ أَنَّ هَذَا نَقْصٌ مِنْهُ، فَإِنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ مِن الْمُبَاحَاتِ إلَّا مَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الطَّاعَةِ وَيَقْصِدُ الاِسْتِعَانَةَ بِهَا عَلَى الطَّاعَةِ، فَهَذَا سَبِيلُ الْمُقَرَّبِينَ السَّابِقِينَ.

فَفُضُولُ الْمُبَاحِ الَّتِي لَا تُعِينُ عَلَى الطَّاعَةِ عَدَمُهَا خَيْرٌ مِن وُجُودِهَا، إذَا كَانَ مَعَ عَدَمِهَا يَشْتَغِلُ بِطَاعَةِ اللّهِ، فَإِنَّهَا تَكُونُ شَاغِلَةً لَهُ عَن ذَلِكَ.

وَأَمَّا إذَا قُدِّرَ أَنَّهَا تَشْغَلُهُ عَمَّا دُونَهَا فَهِيَ خَيْرٌ لَهُ مِمَّا دُونَهَا.

وَإِن شَغَلَتْهُ عَن مَعْصِيَةِ اللّهِ كَانَت رَحْمَة فِي حَقِّهِ، وَإِن كَانَ اشْتِغَالُهُ بِطَاعَةِ اللهِ خَيْرًا لَهُ مِن هَذَا وَهَذَا.

وَكَذَلِكَ أَفْعَالُ الْغَفْلَةِ وَالشَّهْوَةِ الَّتِي يُمْكِنُ الاِسْتِعَانَةُ بِهَا عَلَى الطَّاعَةِ، كَالنَّوْمِ الَّذِي يُقْصدُ بِهِ الاِسْتِعَانَةُ عَلَى الْعِبَادَةِ، وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللِّبَاسِ وَالنِّكَاحِ الَّذِي يُمْكِنُ الاِسْتِعَانَةُ بِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ، إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ نَقْصًا مِن الْعَبْدِ وَفَوَاتَ حَسَنَةٍ وَخَيْرٍ يُحِبُّهُ اللّهُ. [١٠/ ٤٦٠ - ٤٦١]

١١٧٢ - النَّاس فِي الْمُبَاحَاتِ مِن الْمُلْكِ وَالْمَالِ وَغَيْرِ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أ - قَوْمٌ لَا يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا إلَّا بِحُكْمِ الْأمْرِ الشَّرْعِيِّ.

وَهُوَ حَالُ نَبِيِّنَا -صلى الله عليه وسلم-، وَهُوَ حَالُ الْعَبْدِ الرَّسُولِ وَمَن اتَّبَعَهُ فِي ذَلِكَ.

ب - وَقَوْمٌ يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا بِحُكْمِ إرَادَتِهِمْ وَالشَّهْوَةِ الَّتِي لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً.

وَهَذَا حَالُ النَّبِيِّ الْمَلِكِ، وَهُوَ حَالُ الْأَبْرَارِ أَهْلِ الْيَمِينِ.

ج - وَقَوْمٌ لَا يَتَصَرَّفُونَ بِهَذَا وَلَا بِهَذَا.

أَمَّا "الْأَوَّلُ" فَلِعَدَمِ عِلْمِهِمْ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>