للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إبْرَاهِيمُ: ألَمْ أقلْ لَك لَا تَعْصِنِي؟ فَيَقُولُ لَهُ أَبُوهُ: فَالْيَوْمَ لَا أَعْصِيك، فَيَقُولُ ابْرَاهِيمُ: يَا رَبِّ أَنْتَ وَعَدْتنِي أَنْ لَا تُخْزِينِى (١) يَوْمَ يُبْعَثونَ، وَأَيُّ خِزْي أَخْزَى مِن أَبِي الْأَبْعَدِ؟ فَيَقُولُ اللهُ -عز وجل-: إنِّي حَرَّمْت الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ، ثمَّ يُقَالُ: اُنْظُرْ مَا تَحْت رِجْلَيْك؟ فَيَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ بِذِيخ (٢) مُتَلَطِّخٍ، فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ"، فَهَذَا لَمَّا مَاتَ مُشْرِكًا لَمْ يَنْفَعْهُ اسْتِغْفَارُ إبْرَاهِيمَ مَعَ عِظَمِ جَاهِهِ وَقَدْرِهِ (٣). [١/ ١٤٣ - ١٤٦]

* * *

[إقرار المشركين بتوحيد الربوبية لا الألوهية]

١٩٢ - الْمُشْرِكُونَ مِن قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِم، الَّذِينَ أخْبَرَ الْقُرْآنُ بِشِرْكِهِمْ، وَاسْتَحَلَّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- دِمَاءَهُم وَأَمْوَالَهُم وَسَبَى حَرِيمَهُم وَأَوْجَبَ لَهُم النَّارَ: كَانُوا مُقِرِّينَ بِأَنَّ اللهَ وَحْدَهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَمَا قَالَ: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٢٥)} [لقمان: ٢٥].

وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ جَعَلُوا مَعَهُ آلِهَةً أخْرَى مُقِرِّينَ بِأَنَّ آلِهَتَهُم مَخْلُوقَة، وَلَكِنَّهُم كَانُوا يَتَّخِذُونَهُم شُفَعَاءَ، وَيَتَقَرَّبُونَ بِعِبَادَتِهِمْ إلَيْهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ


(١) في الأصل: تُخْزِنِي!، والتصويب من صحيح البخاري، وقد ذكر الشيخ هذا الحديث في موضع آخر (٢٧/ ٢٦٢) وأثبت لفظة البخاري.
(٢) الذيخ: ذكر الضبع الكثير الشعر، أُري أباه على غير هيئته ومنظره ليسرع إلى التبرؤ منه.
(٣) وكيف يتعلق بعض الناس بتوسلهم بأصحاب القبور، ويدعونهم من دون الله، ولا يتعلقون بالله تعالى وحده، ويُخلصون له العبادة والدعاء، والمحبة والخوف والرجاء؟
فهذا إبراهيم -عليه السلام- إما الحنفاء، وأعظم الأولياء بعد نبينا عليهما الصلاة والسلام لم تنفع أباه شفاعتُه وطلبه، فلو قدّر -جدلًا- أن صاحب القبر سمع توسل الداعي -المشرك- وشفع له-، فلا يعني ذلك أن الله تعالى سيقبل شفاعته، إلا إذا رضي عن المشفوع، والله أخبر في كتابه أنه لا يرضى عمن أشرك به، ودعا غيره، وتوسل به.

<<  <  ج: ص:  >  >>