للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ؛ بَل يَحْرُمُ عِنْدَ جُمْهُورِهِمْ النَّظَرُ إلَيْهِ عِنْدَ خَوْفِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَيْهِ لِحَاجَة بِلَا رِيبَةٍ؛ مِثْل مُعَامَلَتِهِ وَالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، كَمَا يُنْظَرُ إلَى الْمَرْأَةِ لِلْحَاجَةِ. [٣٢/ ٢٤٧]

* * *

(بَاب الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ)

٤٥٢٦ - يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَدْلُ بَيْنَ الزَّوْجَتَيْنِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي "السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ" عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَن كَانَتْ لَهُ امْرَأتانِ فَمَالَ إِلَى إحْدَاهُمَا دُونَ الأُخْرَى جَاء يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَحَدُ شِقَّيْهِ مَائِلٌ" (١).

فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْدِلَ فِي الْقَسْمِ، فَإِذَا بَاتَ عِنْدَهَا لَيْلَةً أَو لَيْلَتَيْنِ أَو ثَلَاثًا بَاتَ عِنْدَ الْأُخْرَى بِقَدْرِ ذَلِكَ، وَلَا يُفَضِّلُ إحْدَاهُمَا فِي الْقَسْمِ.

لَكِنْ إنْ كَانَ يُحِبُّهَا أَكْثَرَ وَيَطَؤُهَا أَكْثَرَ: فَهَذَا لَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَفِيهِ أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} [النساء: ١٢٩]؛ أَيْ: فِي الْحُبِّ وَالْجِمَاعِ، وَفِي "السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ" عَن عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقْسِمُ وَيَعْدِلُ فَيَقُولُ: "هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْني فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ" (٢)؛ يَعْنِي: الْقَلْبَ.

وَأَمَّا الْعَدْلُ فِي النَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ فَهُوَ السُّنَّةُ أَيْضًا اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَإِنَّهُ كَانَ يَعْدِلُ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ فِي النَّفَقَةِ كَمَا كَانَ يَعْدِلُ فِي الْقِسْمَةِ، مَعَ تَنَازُعِ النَّاسِ فِي الْقَسْمِ: هَل كَانَ وَاجبًا عَلَيْهِ؟ أَو مُسْتَحَبًّا لَهُ؟

وَتَنَازَعُوا فِي الْعَدْلِ فِي النَّفَقَةِ: هَل هُوَ وَاجِبٌ؟ أَو مُسْتَحَبٌّ؟ وَوُجُوبُهُ أَقْوَى وَأَشْبَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.


(١) رواه أبو داود (٢١٣٣)، وابن ماجة (١٩٦٩)، والدارمي (٢٢٥٢)، وأحمد (٧٩٣٦)، وصحَّحه الألباني في صحيح أبي داود.
(٢) رواه أبو داود (٢١٣٤)، وضعَّفه الألباني في ضعيف أبي داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>