وَالْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ الْقَلَمَ مَرْفُوعٌ عَنْهُمَا فَلَا ذَنْبَ لَهُمَا، وَهَذ الْعِلَّةُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُشَكَّ فِيهَا فِي النَّهْيِ عَن قَتْلِ صِبْيَانِ أَهْلِ الْحَرْبِ.
وَالْآيَةُ تَقْتَضِي ذَمَّ قَتْلِ كُلِّ مَن لَا ذَنْبَ لَهُ مِن صَغِيير وَكبِيرٍ، وَسُؤَالَهَا تَوْبِيخَ قَاتِلِهَا.
وَقَوْلُهُ فِي السُّورَةِ: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩)} [التكوبر: ١٩] إلَى قَوْلِهِ: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (٢٥)} [التكوير: ٢٥] هُوَ جِبْرِيل. [١٦/ ٨٠]
١٥٩٣ - قَالَ تَعَالَى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} [التكوير: ١٥، ١٦] وَالْخُنُوسُ: الِاخْتِفَاءُ، وَذَلِكَ قَبْلَ ظُهُورِهَا مِن الْمَشْرِقِ، وَالْكُنُوسُ رُجُوعُهَا مِن جِهَةِ الْمَغْرِبِ، فَمَا خَنَسَ قَبْلَ ظُهُورِهَا كَنَسَ بَعْدَ مَغِيبِهَا، جَوَارٍ حَالَ ظُهُورِهَا، تَجْرِي مِن الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ. [٦/ ٥٩٤]
* * *
[سورة المطففين]
١٥٩٤ - قال تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (٢٢) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٢٣) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (٢٦) وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (٢٨)} [المطففين: ٢٢ - ٢٨]. وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- وَغَيْرِهِ مِن السَّلَفِ قَالُوا: يُمْزَجُ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ مَزْجًا ويشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا، وَهوَ كَمَا قَالُوا، فَإنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {يَشْرَبُ بِهَا} [المطففين: ٢٨] وَلَمْ يَقُلْ: يَشْرَبُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ ضَمَّنَ ذَلِكَ قَوْلَهُ: {يَشْرَبُ} [المطففين: ٢٨] يَعْنِي: يُرْوَى بِهَا، فَإِنَّ الشَّارِبَ قَد يَشْرَبُ وَلَا يُرْوَى، فَإِذَا قِيلَ: يَشْرَبُونَ مِنْهَا لَمْ يَدُلَّ عَلَى الرِّيِّ، فَإِذَا قِيلَ: يَشْرَبُونَ بِهَا كَانَ الْمَعْنَى: يَرْوُونَ بِهَا، فَالْمُقَرَّبُونَ يَرْوُونَ بِهَا فَلَا يَحْتَاجُونَ مَعَهَا إلَى مَا دُونَهَا؛ فَلِهَذَا يَشْرَبُونَ مِنْهَا صِرْفًا بِخِلَافِ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، فَإنَّهَا مُزِجَتْ لَهُم مَزْجًا، وَهُوَ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْإِنْسَانِ {مِزَاجُهَا كَافُورًا (٥) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا} [الإنسان: ٥، ٦].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute