وَهَذِهِ "رُؤْيَا الْآيَاتِ"؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ النَّاسَ بِمَا رَآهُ بِعَيْنِهِ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ، فَكَانَ ذَلِكَ فِتْنَةً لَهُمْ، حَيْث صَدَّقَهُ قَوْمٌ وَكَذَّبَهُ قَوْمٌ، وَلَمْ يُخْبِرْهُم بِأَنَّهُ رَأَى رَبَّهُ بِعَيْنِهِ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِن أَحَادِيثِ الْمِعْرَاجِ الثَّابِتَةِ ذِكْرُ ذَلِكَ، وَلَو كَانَ قَد وَقَعَ ذَلِكَ لَذَكَرَهُ كَمَا ذَكَرَ مَا دُونَهُ. [٦/ ٥٠٩ - ٥١٠]
* * *
(معني لقاء الله، وهَل يَرَى الْكُفَّارُ رَبَّهُم يوم القيامة؟ وهل يكلمهم الله؟)
٨٨٢ - سُئِلَ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: مَا هُوَ لِقَاءُ اللهِ سُبْحَانَهُ الَّذِي وَصَفَ بِظَنِّهِ الْخَاشِعِينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (٤٦)} [البقرة: ٤٦].
فَأَجَابَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ-: أَمَّا اللِّقَاءُ فَقَد فَسَّرَهُ طَائِفَة مِن السَّلَفِ وَالْخَلَفِ بِمَا يَتَضَمَّنُ الْمُعَايَنَةَ وَالْمُشَاهَدَةَ، بَعْدَ السُّلُوكِ وَالْمَسِيرِ، وَقَالُوا: إنَّ لِقَاءَ اللهِ يَتَضَمَّنُ رُؤْيتَهُ سبحانه وتعالى، وَاحْتَجُّوا بِآياتِ اللِّقَاءِ عَلَى مَن أَنْكَرَ رُؤَيةَ اللهِ فِي الْآخِرَةِ مِن الْجَهْمِيَّة؛ كَالْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ.
وَيُسْتَعْمَلُ اللّقَاءُ فِي لِقَاءِ الْعَدُوِّ، وَلقَاءِ الْوَليِّ، وَلقَاءِ الْمَحْبُوبِ، وَلقَاءِ الْمَكْرُوهِ، وَقَد يُسْتَعْمَلُ فِيمَا يَتَضَمَّنُ مُبَاشَرَةَ الْمُلَاقِي وَمُمَاسَّتَهُ مَعَ اللَّذَّةِ وَالْأَلَمِ، كَمَا قَالَ: "إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَجَبَ الْغُسْلُ" (١). وَمِن نَحْوِ هَذَا قَوْلُهُ: {إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} [الجمعة:٨].
لَكِنْ يَلْزَمُ هَؤُلَاءِ مَسْألَة تَكَلَّمَ النَّاسُ فِيهَا، وَهِيَ أَنَّ الْقُرْاَنَ قَد أَخْبَرَ أَنَّهُ يَلْقَاهُ الْكُفَّارُ وَيلْقَاهُ الْمُؤمِنُونَ كَمَا قَالَ: {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (٦) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلَى
(١) رواه مسلم (٣٤٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute