يَعْتَقِدُونَ مَعْنًى بِعَقْلِهِمْ وَرَأْيِهِمْ، ثُمَّ يَتَأَوَّلُونَ الْقُرْآنَ عَلَيْهِ بِمَا يُمْكِنُهُم مِن التَّأْوِيلَاتِ وَالتَّفْسِيرَاتِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِتَحْرِيفِ الْكَلِمِ عَن مَوَاضِعِهِ، وَلهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد: أَكْثَرُ مَا يُخْطِئُ النَّاسُ مِن جِهَةِ التَّأْوِيلِ وَالْقِيَاسِ. [١٧/ ٣٥٣ - ٣٥٥]
٤١٦ - لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللهُ أَنْزَلَ كَلَامًا لَا مَعْنَى لَهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم- وَجَمِيعُ الْأُمَّةِ لَا يَعْلَمُونَ مَعْنَاهُ، كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَن يَقُولُهُ مِن الْمُتَأَخِّرِينَ، وَهَذَا الْقَوْلُ يَجِبُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ خَطَأٌ. [١٧/ ٣٩٠]
٤١٧ - اللهُ تَعَالَى قَد نَفَى الْمُمَاثَلَاتِ فِي بَعْضِ الْمَخْلُوقَاتِ وَكِلَاهُمَا جِسْمٌ؛ كَقَوْلِهِ: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: ٣٨] مَعَ أَنَ كِلَاهُمَا بَشَرٌ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إذَا كَانَ لِرَبِّ السَّمَوَاتِ عِلْمٌ وَقُدْرَةٌ أَنَّهُ يَكُونُ مُمَاثِلًا لِخَلْقِهِ؟
وَاللهُ تَعَالَى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لَا فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ. [١٧/ ٣١٨]
٤١٨ - اللهُ تَعَالَى يَعْلَمُ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ، وَمَا لَا يَكُونُ أَنْ لَو كَانَ كَيْفَ كَان يَكُونُ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَد قَدَّرَ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ، وَكَتَبَ أَعْمَالَ الْعِبَادِ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلُوهَا، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي صَرِيحِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَآثَارِ السَّلَفِ، ثُمَّ إنَّهُ يَأْمُرُ الْمَلَائِكَةَ بِكِتَابَتِهَا بَعْدَ مَا يَعْمَلُونَهَا، فَيُقَابِلُ بِهِ الْكِتَابَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ عَلَى الْوُجُودِ وَالْكِتَابَةَ الْمُتَأَخِّرَةَ عَنْهُ، فَلَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ، هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ مِن السَّلَفِ -وَهُوَ حَقٌّ-. [١٢/ ١٢٧]
* * *
(مستقرّ الرحمة)
٤١٩ - قال له (١) رجل: جمعنا الله وإياك في مستقر رحمته.
فقال: لا تقل هذا.
(١) أي: للإمام أحمد.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute