للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِمَّا عِنْدَهُ مِن الْعِلْمِ مَا يَرْجُو النَّفْعَ بِهِ، بِخِلَافِ الْإِيمَانِ بِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ رَبَّهُم فِي الْآخِرَةِ؛ فَإنَّ الْإِيمَانَ بِذَلِكَ فَرْضٌ وَاجِبٌ، لِمَا قَد تَوَاتَرَ فِيهَا عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَصَحَابَتِهِ وَسَلَفِ الْأُمَّةِ. [٦/ ٥٠٤]

* * *

(الحكم فيما لو حكم القاضي بقول يُخالف مذاهب الأئمة الأربعة)

٢٠٦٢ - لَو قَضَى أَو أَفْتَى بِقَوْلٍ سَائِغٍ يَخْرُجُ عَن أَقْوَالِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ فِي مَسَائِلِ الْأَيْمَانِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا ثَبَتَ فِيهِ النِّزَاعُ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يُخَالِفْ كِتَابًا وَلَا سُنَّةً وَلَا مَعْنَى ذَلِكَ؛ بَل كَانَ الْقَاضِي بِهِ وَالْمُفْتِي بِهِ يَسْتَدِلُّ عَلَيْهِ بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ -كَالِالسْتِدْلَالِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ-: فَإِنَّ هَذَا يَسُوغُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ وَيُفْتِيَ بِهِ.

وَلَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ نَقْضُ حُكْمِهِ إذَا حَكَمَ، وَلَا مَنْعُهُ مِنَ الْحُكْمِ بِهِ، وَلَا مِنَ الْفُتْيَا بِهِ، وَلَا مَنْعِ أَحَدٍ مِن تَقْلِيدِهِ.

وَمَن قَالَ: إنَّهُ يَسُوغُ الْمَنْعُ مِن ذَلِكَ: فَقَد خَالَفَ إجْمَاعَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ؛ بَل خَالَفَ إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ مَعَ مُخَالَفَتِهِ للهِ وَرَسُولِهِ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٥٩)} [النساء: ٥٩].


= أو بغضِ فلان من العلماء أو المصلحين أو الدعاة، فهذا كما قال الشيخ: مِن الْبِدَعِ الْمُخَالِفَةِ لِأَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.
وقد حذر الشيخ من هذا المنهج والسلوك السقيم في مواضع كثيرة، منها قوله: الْوَاجِبُ الِاقْتِصَارُ فِي ذَلِكَ، وَالْإِعْرَاضُ عَن ذِكْرِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِبَةَ وَامْتِحَانِ الْمُسْلِمِينَ بِهِ؛ فَإِنَّ هَذَا مِن الْبِدَعِ الْمُخَالِفَةِ لِأهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ. (٣/ ٤١٤)
ومن ذلك قوله في مسألة التسمي بأسماء لم يُسمّ الله بها: فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أنْ يَمْتَحِنَ النَّاسَ بِهَا، وَلَا يُوَالِيَ بِهَذِهِ الْأسْمَاءِ وَلَا يُعَادِيَ عَلَيْهَا. اهـ. (٣/ ٤١٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>