للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(حكم الجهر بالبسملة، وهل هي آية من كلّ سورة؟)

١٣٤١ - وَأَمَّا الْبَسْمَلَةُ: فَلَا ريبَ أَنَّهُ كَانَ فِي الصَّحَابَةِ مَن يَجْهَرُ بِهَا، وَفِيهِمْ مَن كَانَ لَا يَجْهَرُ بِهَا بَل يَقْرَؤُهَا سِرًّا أَو لَا يَقْرَؤُهَا، وَاَلَّذِينَ كَانُوا يَجْهَرُونَ بِهَا أَكْثَرهم كَانَ يَجْهَرُ بِهَا تَارَة ويُخَافِتُ بِهَا أُخْرَى؛ وَهَذَا لِأَنَّ الذكْرَ قَد يَكُون السُّنَّةُ الْمُخَافَتَةَ بِهِ وَيُجْهَرُ بِهِ لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَة؛ مِثْل تَعْلِيمِ الْمَأمُومِينَ، فَإِنَهُ قَد ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحِ" أَنَّ ابْنَ عَباسٍ قَد جَهَرَ بِالْفَاتِحَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ لِيُعَلِّمَهُم أَنَّهَا سُّنة (١).

وَتَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:

قِيلَ: لَا تُسْتَحَبُّ بِحَالٍ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك.

وَقِيلَ: بَل يَجِبُ فِيهَا الْقِرَاءَةُ بِالْفَاتِحَةِ.

وَقِيلَ: بَل قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِيهَا سنَّة، وَإِن لَمْ يَقْرَأ بَل دَعَا بِلَا قِرَاءَة جَازَ.

وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ.

وَثَبَتَ فِي "الصَّحِيحِ" أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَقُولُ: "اللهُ أَكْبَرُ، سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وَتَبَارَكَ اسْمُك وَتَعَالَى جَدُّك وَلَا إلَهَ غَيْرُك"، يَجْهَرُ بِذَلِكَ مَراتٍ كَثِيرَةً (٢).

وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْجَهْرَ بِذَلِكَ لَيْسَ بِسُنَّة رَاتِبَةٍ، لَكِنْ جَهَرَ بِهِ لِلتَّعْلِيمِ.


= فإن قلنا -ولابد- بلى.
فسيقولون: فإنّ سلفكم طرحوا أكثرها، حيثُ ألغوا ستة أحرف كانت تُقرأ -بإقراركم- في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وعهد أبي بكر وعمر.
ونحن إذا قلنا بما سلف لم يبق إشكال أبدا بحول الله تعالى. يُنظر: الْمَسَائِلُ الْمُهِمةُ فِي التجْويدِ والْأحْرُفِ السبْعةِ، للمؤلف (٢٨ - ٣٢).
(١) روى البخاري (١٣٣٥)، عَن طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: صَليْتُ خَلْفَ ابْن عَباس - رضي الله عنهما - عَلَى جَنَازَةٍ فَقَرَأ بِفَاتِحَةِ الكِتَاب قَالَ: "ليَعْلَمُوا أَنهَا سُنّة".
(٢) رواه مسلم (٣٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>