وَالْقَوْلُ الْأوّلُ أَصَحُّ.
وَقَد اسْتَقَرَّ بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ مَن فَعَلَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ نَاسِيًا أَو مُخْطِئًا فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ عَاصِيًا مُخَالِفًا، فَكَذَلِكَ مَن فَعَلَ الْمَحْلُوفَ نَاسِيًا أَو مُخْطِئًا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ حَانِثًا مُخَالِفًا لِيَمِينِهِ.
وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَن فَعَلَهُ مُتَأَوِّلًا، أَو مُقَلِّدًا لِمَن أَفْتَاهُ، أَو مُقَلِّدًا لِعَالِمٍ مَيِّتٍ، أَو مُجْتَهِدًا مُصِيبًا أَو مُخْطِئًا.
فَحَيْثُ لَمْ يَتَعَمَّد الْمُخَالَفَةَ، وَلَكِن اعْتَقَدَ أَنَّ هَذَا الَّذِي فَعَلَهُ لَيْسَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلْيَمِينِ: فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ حَانِثًا.
وَيَدْخُلُ فِي هَذَا: إذَا خَالَعَ وَفَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ مُعْتَقِدًا أَنَّ الْفِعْلَ بَعْدَ الْخُلْعِ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ يَمِينُهُ، فَهَذِهِ الصُّورَةُ تَدْخُلُ فِي يَمِينِ الْجَاهِلِ الْمُتَأَوِّلِ عِنْدَ مَن يَقُولُ: إنَّ هَذَا الْخُلْعَ خُلْعُ الْأَيْمَانِ بَاطِلٌ، وَهُوَ أَصَحُّ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ.
الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَتَبَيَّنَ بِخِلَافِهِ: فَهَذَا أَوْلَى بِعَدَمِ التَّحْنِيثِ مِن مَسْأَلَةِ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ نَاسِيًا أَو جَاهِلًا.
وَعَلَى هَذَا: فَالْحَالِفُ بِالطَّلَاقِ عَلَى أَمْرٍ يَعْتَقِدُهُ كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَتَبَيَّنَ بِخِلَافِهِ: لَا يَحْنَثُ إذَا لَمْ يَحْنَث النَّاسِي وَالْجَاهِلُ فِي الْمُسْتَقْبَل.
وَهَكَذَا ذَكَرَ الْمُحَقِّقُونَ مِن الْفُقَهَاءِ. [٣٣/ ٢٠٨ - ٢١٤]
* * *
(حكم من حَلَفَ عَلَى من يعتقد أنه يُطِيعُهُ وَيَبرُّ يَمِينَهُ فَتَبَيَّنَ لَهُ الْأَمْرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ؟)
٤٦٨٥ - وَسُئِلَ: عَمَّن حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ صِهْرَ أَخِيهِ، وَحَلَفَ بِالثلَاثِ مَا يَدْخلُ مَنْزِلَهُ، ثُمَّ دَخَلَ بِغَيْرِ رِضَاهُ؟
فَأَجَابَ: إذَا كَانَ الْحَالِفُ قَد اعْتَقَدَ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ يُطِيعُهُ وَيَبَرُّ يَمِينَهُ وَلَا يَدْخُلُ إذَا حَلَفَ عَلَيْهِ، فَتَبَيَّنَ لَهُ الْأَمْرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَلَو عَلِمَ أَنَّهُ كَذَلِكَ لَمْ